الحديث الأول رواه مسلم وغيره، وهو يدل على فضل صلاة العشاء في جماعة، وأنه يعدل في الثواب قيام نصف الليل، حتى لو كانت صلاتها في أول وقتها أو في آخر وقتها قُرب طلوع الفجر.

أما الحديث الثاني فيدل على فضل التأخير لصلاة العشاء عن أوَّل وقتها، وذلك ليتسنَّى للناس بعد الانتهاء من أعمالهم بعد غروب الشمس أن يجتمعوا ليصلوها في جماعة معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والحديث رواه أحمد وابن ماجة والترمذي: “لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتُهم أن يؤخِّروا العِشاء إلى ثلث الليل أو نصفه”، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يواظِب على التأخير لما فيه من المشقة على المصلين، فأحيانًا كان يُعجل، وأحيانًا كان يؤجِّل، فقد روى البخاري ومسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُصلِّي أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجِّل، وإذا رآهم ـ أي الصحابة ـ اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطئوا أخَّر.

فالأمر متروك للظروف، ووقت العِشاء يدخل بمَغِيب الشفَق الأحمر، وينتهي بطلوع الفجر، ووقت الاختيار هو ثلث الليل أو نصفه، ووقت الجواز مُمتَد حتى طلوع الفجر، فقد روى مسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “أما إنه ليس في النَّوم تفريط، إنما التفريط على مَن لم يُصل الصلاة حتى يَجيء وقت الصلاة الأخرى”، وهذا الحديث يدل على كل أوقات الصلوات المفروضة ما عدا صلاةَ الصبح، فإن وقتها ينتهي بطلوع الشمس لا بوقت الظهر وذلك بالإجماع.