تحديد آيات سيدنا موسى عليه السلام بتسع لا يدل على نفي الزيادة، فقد يكون المراد بهذا العدد بيان الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر فكانت حجة عليهم، بينما أوتى موسى معجزات أخرى بعدما خرج من مصر، فهذه تسع آيات خاصة بما دار بين موسى وفرعون ، وقد يكون هذا العدد لبيان آيات العذاب التي أصابت فرعون وقومه، لا الآيات الدالة له على صدق رسالة موسى عليه السلام في مصر أو خارجها. أو أن هذه الآيات هي التي استمرت ولم يستمر مثلها باقي الآيات أو عمت ولم يعم غيرها.

 جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية :

موسى عليه السلام نبي من الأنبياء، أرسله الله عزَّ وجل إلى بني إسرائيل، وأيَّده بكثير من المعجزات، وكان من أبرز تلك المعجزات معجزتان تحدَّى بهما ما كان سائدًا ومنتشرًا آنذاك من السِّحْر، وهما: العصا التي تحوَّلت إلى ثعبان يسعى ويبتلع، وإدخال يده في جيب قميصه، وإخراجها بيضاء تتلألأ كالقمر، من غير بَرَص ولا مرض، فقد أبطل الله تعالى بهما سِحْرُ السحرة، وأقام الحجة على فرعون وملئه، وأشار القرآن الكريم إلى هذه المعجزات بقوله: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) الإسراء :101 .

المراد بقوله تعالى: تسع آيات بينات:

والمراد بقوله: { تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ }، أي: هي الآيات الدالة على نبوَّة نبي الله موسى التي أرسل بها إلى فرعون وقومه، وهي: العصا التي انقلبت حيَّة، واليد التي أخرجها من جيبه بيضاء، وأخذ آل فرعون بالسنين، ونقص من الأموال والأنفس والثَّمرات، ثم لما كذَّبوا أنزل الله عليهم الطوفان، والجراد، والقُمَّل، والضفادع، والدم، فهذه تسع آيات خاصة بما دار بين موسى وفرعون. والمراد بقوله: “بَيِّنَاتٍ” أي: واضحات مشهورات؛ لأنها حدثت جميعها على مرأى ومشهد من الناس. وهذا يتوافق مع ما جاء في الكتاب المقدس في قوله: « وقال الرب لموسى لا يسمع لكما فرعون لكي تكثر عجائبي في أرض مصر * وكان موسى وهارون يفعلان كل هذه العجائب أمام فرعون» [خروج 11: 9، 10].

هل المعجرات التي كانت لسيدنا موسى فقط تسعة:

 وليست هذه الآيات التسع هي فقط معجزات سيدنا موسى عليه السلام، فقد قال العلماء: إن تخصيص هذا العدد بالذكر لا يدلُّ على نفي الزائد .
يقول ابن كثير ـ بعد ذكر الآيات التسع ـ:« وقد أوتي موسى – عليه السلام – آيات أخر كثيرة، منها: ضربة الحجر بالعصا، وخروج الماء منه، ومنها: تظليلهم بالغمام، وإنزال المَنّ والسلوى، وغير ذلك مما أوتيه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر هنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر فكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرًا وجحودًا » .

فكأن الآية الكريمة تريد أن تصور الحال والموقف في هذا الوقت الذي وقع فيه الحديث بين نبي الله موسى عليه وعلى نبينا السلام وبين عدو الله فرعون، وأنه وقت حدوث هذا الحوار بينهما كان الله عز وجل قد أنزل ببني إسرائيل تسع آيات دالة على صدق موسى عليه السلام، وهى التي سبق ذكرها، فالواضح من سياق الآية الكريمة أنها تلخيص لما حدث بين موسى عليه السلام وفرعون -لعنه الله- طوال السنين.
 أو نقول: إن هناك فرقًا بين الآيات الدالة على الرسالة مطلقًا وآيات العذاب التي نزلت على فرعون وقومه بغية تصديق نبي الله موسى – عليه السلام- وأن المقصود بالتسع القسم الثاني منها، ونخرج الآيات الدالة على الرسالة مطلقًا لتخرج لنا تسعًا فقط، أو أن هذه الآيات هي التي استمرت ولم يستمر مثلها باقي الآيات أو عمت ولم يعم غيرها.