هذا القول لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مخالف لما ينبغي للصائم فعله من العمل الصالح واغتنام الوقت المبارك للتقرب إلى الله تعالى ، ولكن النوم قد يكون مصلحة لمن كان يمنعه النوم من الوقوع فيما يفسد صيامه، ولكن هذا نادر، ولا يفترض في المسلم ، ومع ذلك إذا نام الصائم فصيامه صحيح .

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

جاء في تخريج العراقي لأحاديث (إحياء علوم الدين) للغزالي أن هذا الحديث موجود في أمالي ابن منده من رواية ابن المغيرة القواس عن عبد الله بن عمر بسند ضعيف، ولعله عبد الله بن عمرو، فإنهم لم يذكروا لابن المغيرة رواية إلا عنه.
ورواه أبو منصور الدينبي في مسنده من حديث عبد الله بن أبي أوفى وفيه سليمان بن عمرو النخعي أحد الكذابين.
يؤخذ من هذا أن الحديث ليس صحيحا، ولا حسنا عن النبي ( صلى الله عليه وسلم) فهو إما ضعيف، وإما موضوع.

وبصرف النظر عن سند الحديث، فهناك وجهتا نظرٍ عند تفسيره:
الأولى: أن الصائم الذي يتعرض أثناء صيامه لأمور تتنافى مع حكمة الصيام بسبب اندماجه مع المجتمع كالكذب والغيبة، والنظر المحرم، وغير ذلك سيكفه نومه بالنهار عن هذه الأمور المنكرة.
وذلك صورة من صور العبادة فهو عبادة سلبية كالصدقة التي قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وجوبها على كل مسلم لا يجد ما يتصدق به، ولا معونة من أي نوع كان قال: “فليمسك عن الشر فإن إمساكه عن الشر صدقة”. رواه البخاري ومسلم. ومن هنا يكون نومه صوابا وعبادة.

والثانية : الصائم الذي يؤثر النوم على العمل الإيجابي المنتج مخالف لأوامر الدين في وجوب استغلال طاقة الإنسان في عمل الخير، ومخالف كذلك للأوامر الدينية التي تنفر من العجز والكسل.
فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر أبا أمامة بالاستعاذة منهما حتى يذهب الله همه ويقضي دينه ، كما رواه أبو داود.

فالإسلام دين حركة، وعمل وإنتاج والصائم يمكنه ذلك في حدود الوسع والطاقة، ولم يقف الصحابة عن العمل، وهم صائمون بل وقعت كبريات الغزوات في شهر رمضان، وعلى رأسها غزوة بدر والفتح الأعظم بمكة المكرمة.
ومن هنا يكون نوم الصائم خطأً، وليس عبادة.

وإذا كانت بعض الدول تخفف من العمل في شهر الصيام، فلا يجوز أن يستغل ذلك لمزيد من الكسل والتهاون، فالعمل الصالح في ظل الصيام له ثوابه الجزيل.

كما أن شهر رمضان شهر عبادة ليلاً ونهارًا : أما بالليل فبالقيام بصلاة التراويح وقراءة القرآن، وأما بالنهار فبالصيام، والجزاء على ذلك وردت فيه نصوص كثيرة، وفي حديث واحد جمع ثواب الصيام والقرآن، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: يا رب منعته الطعام والشهوة بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، فيشفعان ” رواه أحمد والطبراني والحاكم وصححه .

ولو نام الصائم طول النهار فصيامه صحيح، وليس حرامًا عليه أن ينام كثيرًا ما دام يؤدي الصلوات في أوقاتها، وكان النوم مانعًا له من التورط في أمور لا تليق بالصائم، وتتنافى مع حكمة مشروعية الصيام، وهي جهاد النفس ضد الشهوات والرغبات التي من أهمها شهوتا البطن وشهوة الفرج، ويدخل في الجهاد عدم التورط في المعاصي مثل الكذب والزور والغيبة، فقد صح في الحديث: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخاري. هذا ولم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: نوم الصائم عبادة.