روى أبو داود في ضمن حديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “النَّظَر في المُصحَف عبادة، والنظر إلى الكَعبة عِبادة، والنّظَر إلى وجه الوالدين عِبادة” وروى الطبراني والبيهقي حديثًا فيه “قراءة الرّجل في غير المصحَف ألف درجة، وقراءته في المصحف تُضاعِف ذلك إلى ألفي درجة” وروى أبو عُبيد القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن “فضل القرآن نظرًا على مَن قرأه ظاهرًا كفضل الفريضة على النافلة”.
وعن ابن عباس: كان عمر إذا دخل البيت نشر المصحف يقرأ فيه. وعن الشعبي أنه كان يصلِّي العَتَمة ـ العشاء ـ ويضع المصحَف في يديه فما يُطبِقه حتى الصبح. وقال أحمد بن حنبل، كان أبي يقرأ في كل يوم شيئًا من القرآن في المصحف لا يتركُه نظرًا.
هذه أحاديثُ وآثار لا أعرف لها سندًا صحيحًا، وكيف نفهم أن عمر كان ينشر المصحف يقرأ فيه، هل له مصحف خاصٍّ، وكيف كتبه؟ مع أن المصحف المعتمد الوحيد كان عند حفصة بنته، ومنه عُمِلت نسخ في عهد عثمان.
المُهِمُّ أن هذه الآثار ترغِّب في تلاوة القرآن، وتبيِّن فضل النظر في المصحف، ولكن الفضل ليس لمجرَّد النظر، بل للقراءة، ومن هنا اختلَف العلماء : هل القراءة من الحفظ أفضل من النظر في المصحَف؟
قال النووي في كتابه “الأذكار ص 111” : قراءة القرآن في المصحف أفضل من حفظه، هكذا قال أصحابنا، وهو مشهور عن السلف ـ رضي الله عنهم ـ . وهذا ليس على إطلاقه، بل إن كان القارئ مِن حفظه يحصل له من التدبُّر والتفكُّر وجمع القلب والبصر أكثر ممّا يحصل من المصحف فالقراءة مِن الحفظ أفضل، وإن استَوَيا فمِن المصحف أفضل، وهذا مراد السلف انتهى.
ولم يستند النووي إلى حديث مرويٍّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك، وهذا يدلُّ على أن الوارد لا يُعتمد عليه في حكم النظر إلى المصحف.