عندما حرم علماؤنا الأَجِلاء الكيمياء في الماضي إنَّما كانوا يقصدون تلك الحيل التي كان الهدف منها خداع الناس وغشهم ولذلك حرموها من أجل الغش الذي فيها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى:

قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه مر برجل يبيع طعاما فأدخل يده فيه فوجده مبلولا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال: يا رسول الله أصابته السماء ـ يعنى: المطر ـ فقال: هلا و ضعت هذا على وجهه، من غشنا فليس منا.

وقوله:” من غشنا فليس منا” كلمة جامعة فى كل غاش.

وأهل الكيمياء من أعظم الناس غشا، ولهذا لا يظهرون للناس إذا عاملوهم أن هذا من الكيمياء، ولو أظهروا للناس ذلك لم يشتروه منهم إلا من يريد غشهم، و قد قال الأئمة: إنه لا يجوز بيع المغشوش الذي لا يعلم مقدار غشه، وإن بين للمشتري أنه مغشوش، و قد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن أن يشاب [يخلط] اللبن بالماء للبيع، وأرخص في ذلك للشرب، وبيع المغشوش لمن لا يتبين له أنه مغشوش حرام بالإجماع، والكيمياء لا يعلم مقدار الغش فيها فلا يجوز عملها، ولا بيعها بحال. أهـ

أما دراسة الكيمياء في العصر الحديث فلا ينطبق عليها ما قاله العلماء الأقدمون ـ رحمهم الله ـ لأنها مغايرة لها في المحتوى وإن شابهتها في اللفظ، ودراسة الكيمياء في العصر الحديث تعد فرضاً من فروض الكفاية التي على المسلمين القيام بها وتحصيلها، ويجب أن يتخصص بعضهم فيها لأنها إذا تركت بالكلية فستضيع المجتمعات ويتعطل القيام ببعض العبادات.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ـ المملكة العربية السعودية:

ليس علم الكيمياء الذي يدرس لطلاب المدارس من جنس الكيمياء التي منعها العلماء، وقالوا: إنها سحر، وحذروا الناس منها، وذكروا أدلة على بطلانها وبينوا أنها أيضًا خداع وتمويه، يزعم أصحابها أنهم يجعلون الحديد مثلًا ذهبًا والنحاس فضة، ويغشون بذلك الناس ويأكلون أموالهم بالباطل.

أما التي تدرس في المدارس في هذا الزمن فهي تحليل المادة إلى عناصرها التي تركبت منها أو تحويل العناصر إلى مادة تركب منها تخالف صفاتها تلك العناصر بواسطة صناعة وعمليات تجري عليها فإنها حقيقة واقعية، بخلاف الكيمياء المزعومة فإنها تمويه وخداع وليست من أنواع السحر الذي جاءت النصوص في الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه.