هل توجد أحاديث عن فضل الاعتكاف:

جميع الأحاديث التي وقفنا عليها في فضل الاعتكاف – نصا- بين ضعيف وموضوع، ولا شك أن الضعيف عند كثير من العلماء يقبل في فضائل الأعمال، ولكننا لا نحبذ هذا المنهج، فنحن على ما ذهب إليه الشيخ الألباني والشيخ القرضاوي من أن الضعيف لا يعمل به في أحكام ولا فضائل، وفي الصحيح غنية وكفاية.

وأما عن الأحاديث التي نصت على فضل الاعتكاف، فمنها الحديث الذي رواه البيهقي بسنده عن علي بن حسين عن أبيه رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين ” وقال عنه الشيخ الألباني : موضوع ، أي : مكذوب.

والحديث الذي رواه البيهقي وغيره من حديث عبد الله بن عباس :”ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين” قال عنه الشيخ الألباني : ضعيف.

لكن فضل الاعتكاف – وإن لم ينص عليه- يستلهم من نصوص أخرى ، مثل ما رواه الطبراني من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا” صححه الشيخ الألباني، فلو لم يكن للاعتكاف فضل كبير لما قارن النبي صلى الله عليه وسلم عليه بينه وبين قضاء الحوائج؛ فإن المقارنة بين أمرين تدل على فضلهما معا إلا أن أحدهما أفضل من الآخر.

وردت آثار عن بعض السلف تنص على فضل الاعتكاف ،ولكنها ليست مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد أخرج البيهقي عن عطاء الخراساني قال إن مثل المعتكف مثل المحرم ألقى نفسه بين يدي الرحمن ،فقال: والله لا أبرح حتى ترحمني.

وأخرج البيهقي عن الحسن قال : “للمعتكف كل يوم حجة “قال البيهقي :لا يقوله الحسن إلا عن بلاغ بلغه .

فضائل الاعتكاف:

ثمة فضائل عديدة يمكن للمعتكف أن يجنيها، ومن الصعب أن يجنيها ، وهو خارجه.

1 –الاعتكاف عبادة في ذاته، فالمعتكف عابد مأجور مثاب حتى أثناء نومه في المسجد.

2 -الاعتكاف يمكن صاحبه من انتظار الصلوات، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” قال ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط” وانتظار الصلوات معناها : انتظارها في المسجد، وليس مجرد تعلق القلب بها خارجه، فهذا أمر آخر.

3 -الاعتكاف يمكن صاحبه من المكث في المسجد فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المسجد بيت كل تقي وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة )

قال المنذري : رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وقال : إسناده حسن ، ثم قال المنذري : وهو كما قال رحمه الله تعالى ، وأما الشيخ الألباني فقد حسن الجملة الأولى فقط، وضعف الباقي.

4 -الاعتكاف يمكن صاحبه من تحري ليلة القدر.

5 -الاعتكاف يمكن صاحبه من شهود صلاة الجماعة ، وقد قال سعيد بن المسيب:”من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة” رواه أبو نعيم في الحلية.

6 -الاعتكاف يمكن صاحبه من إدراك تكبيرة الإحرام، فقد روى عبد الرزاق في المصنف عن مجاهد قال: سمعت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا أعلمه إلا ممن شهد بدرًا. قال لابنه: أدركت الصلاة معنا؟ قال : نعم، قال: أدركت التكبيرة الأولى؟ قال: لا. قال: لما فاتك منها خير من مائة ناقة كلها سود العين.

7 -الاعتكاف يمكن صاحبه من شهود التراويح مع الإمام حتى ينصرف؛ فعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم” جمع أهله وأصحابه وقال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة” رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني.

8 -الاعتكاف يمكن صاحبه من التفرغ للعبادة ولقراءة القرآن ،وشهود مجالس العلم بالمسجد، والتعاون على البر والتقوى مع المعتكفين والخلطة المؤدية لزيادة المحبة بينه وبين من يعرفهم من المعتكفين.

9 -الاعتكاف يمكن صاحبه من التعارف بمن لا يعرفهم من المعتكفين وإيثارهم على نفسه بطعام أو فراش أو غيره والاحتساب في السمع والطاعة لتعليمات المسؤول عن إدارة شؤون الاعتكاف.

10-الاعتكاف يمكن صاحبه من اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه ،وغير ذلك من النوايا الصالحة .