الصدقة يصل ثوابها للميت إذا أهديت له بنية خالصة سواء أكان المهدي لها قريبا للميت، أو أجنبيا عنه .

جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:

الأئمة اتفقوا على أن الصدقة تصل إلى الميت وكذلك العبادات المالية : كالعتق .

وإنما تنازعوا في العبادات البدنية : كالصلاة والصيام والقراءة، ومع هذا ففي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من مات وعليه صيام صام عنه وليه } وفي الصحيحين عن ابن عباس – رضي الله عنه – { أن امرأة قالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صيام نذر قال : أرأيت إن كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها ؟ قالت : نعم قال : فصومي عن أمك }  وفي الصحيح عنه : { أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين قال : أرأيت لو كان على أختك دين أكنت تقضيه ؟ قالت : نعم قال فحق الله أحق } وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن بريدة بن حصيب عن أبيه : { أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفيجزي عنها أن أصوم عنها قال : نعم } .

فهذه الأحاديث الصحيحة صريحة في أنه يصام عن الميت ما نذر وأنه شبه ذلك بقضاء الدين .

والأئمة تنازعوا في ذلك ولم يخالف هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة من بلغته وإنما خالفها من لم تبلغه وقد تقدم حديث عمرو بأنهم إذا صاموا عن المسلم نفعه . وأما الحج فيجزي عند عامتهم ليس فيه إلا اختلاف شاذ  وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ فقال : حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته عنها ؟ اقضوا الله فالله أحق  بالوفاء } وفي رواية البخاري : { إن أختي نذرت أن تحج } وفي صحيح مسلم عن بريدة { أن امرأة قالت : يا رسول الله إن أمي ماتت ولم تحج أفيجزي – أو يقضي – أن أحج عنها قال : نعم } .

ففي هذه الأحاديث الصحيحة : ” أنه أمر بحج الفرض عن الميت وبحج النذر ” . كما أمر بالصيام . وأن المأمور تارة يكون ولدا وتارة يكون أخا، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين يكون على الميت , والدين يصح قضاؤه من كل أحد فدل على أنه يجوز أن يفعل ذلك من كل أحد لا يختص ذلك بالولد . كما جاء مصرحا به في الأخ . فهذا الذي ثبت بالكتاب والسنة والإجماع علم مفصل مبين , فعلم أن ذلك لا ينافي قوله : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث } ; بل هذا حق وهذا حق .

أما الحديث فإنه قال : { انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له } فذكر الولد ودعاؤه له خاصين ; لأن الولد من كسبه كما قال: { ما أغنى عنه ماله وما كسب } قالوا : إنه ولده , وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: { إن  أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه } . فلما كان هو الساعي في وجود الولد كان عمله من كسبه بخلاف الأخ والعم والأب ونحوهم . فإنه ينتفع أيضا بدعائهم بل بدعاء الأجانب لكن ليس ذلك من عمله . والنبي صلى الله عليه وسلم قال : { انقطع عمله إلا من ثلاث . . } لم يقل : إنه لم ينتفع بعمل غيره . فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذي لم ينقطع وإذا دعا له غيره لم يكن من عمله لكنه ينتفع به . انتهى بتصرف.