النظر إلى آيات الذكر الحكيم ليست قراءة وإنما هي فقط تدبر، أما القراءة فيشترط لها تحريك اللسان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله روحه ونور ضريحه ـ في مجموع الفتاوى:
الناس في الذكر أربع طبقات:
أحداها: الذكر بالقلب واللسان، وهو المأمور به.
الثاني:  الذكر بالقلب فقط فإن كان مع عجز اللسان فحسن، وإن كان مع قدرته فترك للأفضل.
الثالث: الذكر باللسان فقط، وهو كون لسانه رطبا بذكر الله، وفيه حكاية التي لم تجد الملائكة فيه خيرا إلا حركه لسانه بذكر الله ويقول الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه.
الرابع: عدم الأمرين وهو حال الخاسرين انتهى.
وقال الكاساني في كتابه :بدائع الصنائع:
القراءة لا تكون إلا بتحريك اللسان بالحروف ، ألا ترى أن المصلي القادر على القراءة إذا لم يحرك لسانه بالحروف لا تجوز صلاته .
وكذا لو حلف لا يقرأ سورة من القرآن فنظر فيها وفهمها ولم يحرك لسانه لم يحنث” انتهى .
وأما ما ورد من أقوال جاءت عن السلف تتحدث عن فضيلة النظر في المصحف، مثل ما صح موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أديموا النظر في المصحف. قال عنه ابن حجر في فتح الباري: إسناده صحيح. فإن المراد من النظر هنا هو القراءة بتحريك اللسان لا مجرد النظر بالعين.
ذكر الحافظ المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي:
النظر في المصحف. أي القراءة فيه نظراً. انتهى.
وقال أيضا: فإن القارئ في المصحف يستعمل لسانه وعينه فهو في عبادتين، والقارئ من حفظه يقتصر على اللسان انتهى.
فالنظر إلى المصحف لا يرقى ثوابه إلى ثواب القراءة، وثواب القراءة ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ” والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.