يقول الله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (سورة النور: 3) جاء في تفسير القُرطبي لهذه الآية أن “مِرثدًا الغنوي” وكان يحمل الأسارى بمكة ـ استأذن النبي ـ ﷺ ـ في نِكاح “عَناق” وكانت بغيًّا ـ تحترف الزِّنا ـ فقرأ عليه هذه الآية وقال “لا تنكحها” رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم. قال الخطابي: هذا خاص بهذه المرأة إذ كانت كافرة أما الزانية المُسْلِمة فإن العقد عليها صحيح لا ينفسخ وقال الشافعي: قال عِكرمة: معنى الآية أن الزاني لا يريد ولا يقصد إلا نِكاح زانية. وقال سعيد بن المسيب وغيره: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ) (سورة النور : 32) فهي عامة.
ومن شَرَطَ في صِحة العقد عدم الزنا قال: إن هذه الآية غير منسوخة؛ لأن النبي ـ ﷺ ـ حثَّ على نكاح الحرائر والإمَاء بشرط الإحْصَان، وهو العِفة؛ لأن زواجها يؤدي إلى فساد أخلاق الرجل ودينه، فتُلْحِق به غَيْر ولده، أو تنشئ أولاده على الفساد.
وقد رأى ابن القيم حُرمة الزواج بالزانية وقال في كتابه “زاد المعاد” إن الزواج بها خبيث لقوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ) (سورة النور : 26) لكن قال في كتابه “بدائع الفوائد” لو زنى بامرأة ثم أراد أن يتزوجها لا يصح إلا بعد عِلْمِهِ بِتَوْبَتِهَا.
وبناء على هذا لا نرى بأسًا بزواج من كانت زانية إذا عُلمت توبتها، ولا بأس بزواج رجل زنى بامرأة ثم تاب بامرأة عفيفة، ويمكن الرجوع لتفصيل ذلك في الجزء الأول من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام “ص 333”.