الأصل أن عقد النكاح إذا تم بشروطه من الصداق، والشهود، والولي فإنه يترتب عليه آثار العقد الشرعية.

ومن هذه الآثار الشرعية وجوب نفقة الزوجة على زوجها، ولكن لما كان الزوج ممنوعا من الاستمتاع الكامل بالمعقود عليها بالعرف ، أو بالشرط فإن ذلك لا يوجب عليه النفقة.

فالنفقة لا تجب إلا إذا زفت الزوجة إلى زوجها في بيت الزوجية المتفق عليه، وأصبحت بين يديه سكنا ولباسا.

قال الخرقي الحنبلي – رحمه الله -: ( وإذا تزوج بامرأة مثلها يوطأ ، فلم تمنعه نفسها ، ولا منعه أولياؤها ، لزمته النفقة ) .

وقال ابن قدامة شارحا هذا الكلام، ومبينا آراء المذاهب:-

جملة ذلك أن المرأة تستحق النفقة على زوجها بشرطين :

أحدهما :-أن تكون كبيرة يمكن وطؤها ، فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء ، فلا نفقة لها .

الثاني :- أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها ، فأما إن منعت نفسها أو منعها أولياؤها ، أو تساكتا بعد العقد ، فلم تبذل ولم يطلب ، فلا نفقة لها ، وإن أقاما زمنا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة ودخلت عليه بعد سنتين ، ولم ينفق إلا بعد دخوله ، ولم يلتزم نفقتها لما مضى . ولأن النفقة تجب في مقابلة التمكين المستحق بعقد النكاح ، فإذا وجد استحقت ، وإذا فقد لم تستحق شيئا .

ولو بذلت تسليما غير تام ، بأن تقول : أسلم إليك نفسي في منزلي دون غيره . أو في الموضع الفلاني دون غيره . لم تستحق شيئا ، إلا أن تكون قد اشترطت ذلك في العقد ; لأنها لم تبذل التسليم الواجب بالعقد ، فلم تستحق النفقة ، كما لو قال البائع : أسلم إليك السلعة على أن تتركها في موضعها ، أو في مكان بعينه .

وإن شرطت دارها أو بلدها ، فسلمت نفسها في ذلك ، استحقت النفقة ; لأنها سلمت التسليم الواجب عليها .