معنى “الوتر” في اللغة:

الوِتر والوَتر : الفرد أو مالم يتشفّع من العدد .
وأوتره : أفذّه .
قال اللحياني : أهل الحجاز يسمون الفرد الوتر ، وأهل نجد يكسرون الواو .
وفي قوله عز وجل : ( وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ ) [ الفجر : 3 ] قراءتان بالفتح والكسر .
وأوتر الرجل : صلى الوتر ، وهى ركعة تكون بعد صلاته مثنى مثنى من الليل .

اسم الله “الوتر” في السنة النبوية:

ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال : ” لله تسعة وتسعون اسما ، من حفظها دخل الجنة ، وإن الله وتر يحب الوتر ” .

معنى “الوتر” في حق الله تبارك وتعالى:

قال ابن قتيبة : الله جل وعزّ وتر ، وهو واحد .
وقال الخطابي : ” الوتر ” هو الفرد الذي لا شريك له ولا نظير .
وقال الحليمي : ومنها الوتر : لأنه إذا لم يكن قديم سواه ، لا إله ولا غيرَ إله ، لم ينبغي لشيء من الموجودات أن يضم إليه فيعدّ معه ، فيكون والمعدود معه شفعا ، لكنه واحد فرد وتر .
وقال البيهقي : ” الوتر ” هو الفرد الذي لا شريك له ولا نظير ’ وهو قول الخطابي‘ وهذه أيضا صفة يستحقها بذاته .
وقال الحافظ ابن حجر : ” الوتر ” الفرد ، ومعناه في حق الله أنه الواحد الذي لا نظير له في ذاته ولا انقسام ! .

من آثار الإيمان باسم الله “الوتر”:

1- أن الله تعالى واحد لا شريك له ولا نظير ، بل هو الإله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .
وهو سبحانه واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله ، قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) [الشورى : 11] . وقال : ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) [ مريم : 65] .

2- وهو جل وعلا يحب الوتر ويأمر به في كثير من الأعمال والطاعات ، كما في الصلوات الخمس ووتر الليل وأعداد الطهارة وتكفين الميت وفي كثير من المخلوقات كااسموات ولأرض .
فقد روى علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله ” يا أهل القرآن أوتروا ، فإن الله وتر يحب الوتر ” .
قال القرطبي في معنى قوله : ” وهو وتر يحب الوتر ” : الظاهر أن الوتر هنا للجنس ، إذ لا معهود جرى ذكره حتى يحمل عليه ، فيكون معناه أنه : يحب كل وتر شرعه .
ومعنى محبته له : أنه أمر به وأثاب عليه ، ويصلح ذلك لعموم ما خلق الله وترا من مخلوقاته .
أو معنى معبته له : أنه خصصه بذلك لحكمة يعلمها . ويحتمل أن يريد بذلك وترا بعينه ، وإن لم يجر له ذكر ثم اختلف هؤلاء ، فقيل : المراد صلاة الوتر .
وقيل : يوم الجمعة .
وقيل : يوم عرفة .
وقيل : آدم .
وقيل غير ذلك .
قال : والأشبه ما تقدم من حمله على العموم .
قال : ويظهر لي وجه آخر وهو : أن الوتر يراد به التوحيد ، فيكون المعنى : أن الله في ذاته وكماله وأفعاله واحد يحب التوحيد .
أي : أن يوحد ويعتقد انفراده با لألوهية دون خلقة ، فيلتئم أول الحديث وآخره ، والله أعلم .
قال الحافظ معقبا : قلت : لعل من حمله على صلاة الوتر ، استند إلى حديث علي : ” إن الوتر ليس بحتم ، ولا كصلاتكم المكتوبة ، ولكن رسول الله أوتر ثم قال : ” أوتروا يا أهل القرآن ، فإن الله وتر يحب الوتر ” .
أخرجوه في السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة واللفظ له .
فعلى هذا التأويل تكون اللازم في هذا الخبر للعهد ، لتقدم ذكر الوتر المأمور به .
لكن لا يلزم أن يحمل الحديث الآخر على هذا ، بل العموم فيه أظهر ، كما أن العموم في حديث على محتمل أيضا .

3- وقد وردت عن السلف آثار في ذلك : فقال مجاهد في قوله تعالى ( وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ ) [ الفجر : 3] : كل خلق الله شفع : السماء والأرض ، والبر والخير ، والجن والإنس ، والشمس والقمر .
والله الوتر وحده .
وفي روايته عنه قال : الخلق كله شفع ووتر ، أقسم بالخلق .
وعن الحسن قال : الخلق كله شفع ، ( والشفع والوتر ) قال : كان أبي يقول كل شيء خلق الله شفع ووتر ، فأقسم بما خلق ، وأقسم بما تبصرون وبما لا تبصرون .
قال ابن جرير : وقال آخرون : بل ذلك الصلاة المكتوبة ، منها الشفع كصلاة الفجر والظهر ، ومنها الوتر : كصلاة المغرب .
ذكر من قال ذلك .
وذكر آثارا منها :
عن قتادة قوله : ( والشفع والوتر ) : إن من الصلاة شفعا وإن منها وترا .
ثم قال ابن جرير مرجحا :
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالشفع والوتر ، ولم يخصص نوعا من الشفع ، ولا من الوتر دون نوع ، بخبر ولا عقل ، وكل شفع ووتر فهو مما أقسم به مما قال أهل التأويل أنه داخل في قسمه هذا ، لعموم قسمه بذلك .

من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي