مفهوم المثل الأعلى يختلف نسبياً حسب ما ينسب إليه ؛ فالمثل الأعلى المطلق هو الله سبحانه ؛ والمثل الأعلى التطبيقي الشامل هو الرسول ﷺ ؛ وهناك مثل عليا في بعض المناحي وبعض الأوقات وبعض الأماكن .
يقول العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – :ـ
معنى مفهوم المثل الأعلى يختلف فإذا أريد بيان من هو الأحق بالوصف الأعلى فالجواب هو الله وحده؛ لأنه سبحانه هو الذي له المثل الأعلى في كل شيء ومعناه الوصف الأعلى ، وهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا شبيه له ولا كفو له ولا ند له ، وهذا المعنى هو المراد في قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الآية 60 من سورة النحل وكذا آية 27 من سورة الروم وهي قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم ) ، وقد قال الله عز وجل : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وقال سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .
أما إن أريد من هو المثل الأعلى في المنهج والسيرة فإنه يفسر بالرسول ﷺ فإنه أكمل الناس هديا وسيرة وقولا وعملا وهو المثل الأعلى للمؤمنين في سيرتهم وأعمالهم وجهادهم وصبرهم وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة كما قال الله سبحانه : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) وقال عز وجل في وصف نبيه ﷺ : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان خلقه القرآن ) والمعنى أنه كان عليه الصلاة والسلام يعمل بأوامر القرآن وينتهي عن نواهيه ويتخلق بالأخلاق التي أثنى القرآن على أهلها ويبتعد عن الأخلاق التي ذم القرآن أهلها .