شهادة أن محمدأً رسول الله تعني أن محمداً صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه بالرسالة الخاتمة ، التي نسخت جميع الرسالات السابقة وهي الرسالة الشاملة لجميع ماتحتاجه الحياة الدنيا ، وجميع مايوصل إلى رحمة الله سبحانه وتعالى .
وهي الرسالة المرنة التي تتوافق وتتلاءم مع جميع الظروف والأحوال .

فتعني شهادة أن محمداً رسول الله :أنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ، وكتابه خاتم الكتب وخيرها ، وتعني الإيمان بجميع الرسل والكتب السابقة ، فرسالة الإسلام مصدقة لها غير مكذبة .

وتعني هذه الشهادة : أن محمداً صلى الله عليه وسلم بشر خلقه كبقية البشر ، لكن الله فضله عليهم بالنبوة والرسالة ، كما فضل الأنبياء السابقين على أقوامهم بالنبوة والرسالة أيضاً . قال تعالى : (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد )) [الكهف ، الآية : 110] ، فهو صلى الله عليه وسلم بشر لايملك لنفسه ضراً ولانفعاً إلا ماشاء الله ، ولايعلم الغيب إلا ماأطلعه الله عليه ، يصيبه مايصيب غيره من الناس من الأمراض والأوجاع ليرفع له في درجاته ، وليكون أسوة لمن بعده من أتباعه ، وليعلم الناس أنه بشر لايملك لنفسه ضراً ولانفعاً ، فلا يقدس فيجعل رباً وإلهاً كما غلت النصارى في المسيح فجعلوه إلهاً ، ومنهم من جعله ابناً للرب سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً ، قال تعالى : (( قل لاأملك لنفسي ضراً ولانفعاً إلا ماشاء الله ، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ومامسني السوء ، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون )) [ سورة الأعراف ، الآية : 188] . وقال تعالى : (( قل إني لاأملك لكم ضراً ولا رشداً . قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً )) [الجن ، الآيتان : 21-22 ].

وتعني شهادة أن محمداً رسول الله أنه عليه الصلاة والسلام معصوم عن الكذب وعن الخطأ في كل مايبلغه عن ربه ، فهو الصادق المصدوق ، قد شهد له بها قومه الذين هم أدرى الناس به قبل أن ينزل عليه الوحي ، وشهد له بعد ذلك جميع الناس بصدق الحديث والوعد ، ومازال النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم مضرب المثل عبر أجيال العالم بالصدق والأمانة والإخلاص .

وتعني شهادة أن محمداً رسول الله : أنه صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي من ربه بواسطة جبريل عليه السلام ، فبلغه تبليغاً كاملاً لا نقص فيه ولا خلل ، ومازال القرآن المعجز ظاهراً بين الناس دون أي تحريف أو تبديل بخلاف الكتب الأخرى ، فإن أصحابها ضيعوها ولم يرعوها حق رعايتها ، فدخلها التحريف والتبديل ، والتناقض والتعارض .

وتعني هذه الشهادة أنه صلى الله عليه وسلم له سنة وطريقة وهدي ( وهي ما كان من كلامه وأمره ونهيه وإرشاده ، وهي غير القرآن الذي هو من كلام الله تعالى ) وأن هذه السنة محفوظة بحفظ الله لهذا الدين ، شرحت القرآن وبينته ، واستقلت بأحكام أخرى ، وذلك بإذن الله له في ذلك .

وهذه الشهادة تتضمن الإيمان بما أتى به صلى الله عليه وسلم من معجزات كثيرة ، وأعظمها القرآن الكريم الذي أعجز العرب وهم أهل الفصاحة والبيان أن يأتوا بمثله . ومن هذه المعجزات : انشقاق القمر في عهده صلى الله عليه وسلم حتى رآه الناس فلقتين ، ونبع الماء من بين أصابعه الشريفة ، والدعاء بتكثير الطعام وحصول ذلك ، وتسليم الحجر عليه في مكة ، وحنين جذع النخل لأنه صلى الله عليه وسلم ترك الخطبة عليه ، فتأثر ذلك الجذع من ترك النبي صلى الله عليه وسلم له . ومنها الإخبار عن بعض المغيبات التي أطلعه الله عليها ، فكانت كما أخبر صلى الله عليه وسلم . فدل ذلك على صدقه فيما أخبر به عن ربه عز وجل .

ومن مقتضيات هذه الشهادة أن يؤمن العبد بالنبي صلى الله عليه وسلم ويتبعه بصدق فيما جاء به من الشرع عن ربه مخلصاً في هذا الاتباع ، لا يريد عرضاً زائلاً من الدنيا ، ولا يتكبر عليه ، وأن يصدقه فيما أخبر به عن الله سبحانه ، وأن يحبه حباً يفوق حبه لنفسه أو لماله أو لأحد من العالمين .