الإسلام قد أمر كل من الزوج والزوجة بالإحسان إلى الآخر، وأن يتقي كل واحد منهما الله في الآخر، وأن يعاشره بالمعروف، والمرأة إذا نشزت على زوجها تعرضت لغضب ربها، والرجل إن ظلم نفسه كتب في ديوان الظالمين، وليس عندنا ما ننصح به الزوجان إلا التعامل بالحسنى والرفق، والتقوى وأن يكون الزوج اكثر صبرا على زوجته، وهو ما أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم : “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” ونرى في حالة وجود مشكلة بين الزوجين الذهاب إلى استشارة خبير اجتماعي أكثر من الحاجة إلى فتوى.

ويقول العلامة الجصاص الحنفي: معلقاً على هذه القاعدة {وعاشروهن بالمعروف}:
هو “أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف: أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقَسْمِ، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراضِ عنها والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب” اهـ.

إن من تأمل وتدبر دلالات هذه القاعدة العظيمة: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أدرك أن هذا القرآن هو حقاً كلام الله عز وجل، وبيان ذلك من وجوه:

الوجه الأول: أن هذه القاعدة رغم قصر كلماتها ـ وهي كما نرى ـ كلمتان، اشتملت على معانٍ عظيمة، يطول شرحها.

الوجه الثاني: أن الله تعالى ردّ أمر المعاشرة إلى العرف، ولم يحدده بشيء معين؛ لاختلاف الأعراف والعادات بين البلدان كما هو معروف وظاهر، ولاختلاف مكانة الأزواج من الناحية المالية والاجتماعية، إلى غير ذلك من صور التفاوت التي هي من سنن الله في خلقه.

وليست هذه هي القضية الوحيدة التي يَرُدُّ الشرعُ فيها أمور التعامل إلى العرف، بل جاء ذلك في مواضع كثيرة، من ألصقها بما نحن بصدد الحديث عنه، قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، فكما أن القاعدة التي نحن بصددها: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} تأمر الأزواج بمعاشرة أزواجهم بالمعروف، فإن هذه الآية: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] تأمر كلا الطرفين بذلك.
ويقول سبحانه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
ويقول جل شأنه: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231].

والإمساك بمعروف الذي أمرنا الله تبارك وتعالى به إذا أمسكنا النساء أن نمسكهن على صفته؟

المعروف إذا أردنا بيانه وأردنا حقيقته في عشرة الأزواج؛ فلننظر ولنقرأ سيرة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فوالله ليس هناك زوج أبر ولا أوفى ولا أكمل سيرةً وهدياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاشر أزواجه، سيرة عطرة، والله إن بعض الأحاديث حينما تقف أمامها قد يستولي عليك الحزن من واقعك.

فالواجب على الزوجين عامة وعلى الزوج بشكل خاص الإطلاع على سيرة من قال عنه تبارك وتعالى: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ومعرفة تعامله مع أزواجه وكيف كان صلى الله عليه وسلم كما قال : ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ” حتى يعرف الزوج كيف يتعامل مع زوجته.