مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي، كنيته أبو عبد الله، وُلد في الجاهلية، كان شابًّا جميلاً عطراً، حسن الكسوة، وكان أبواه ينعمانه.

أسلم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دار الأرقم، وكتم إسلامه؛ خوفاً من أمّه، وكان يختلف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرًّا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدري، فأعلم أهله، فأخذوه وحبسوه، فلم يزل محبوساً إلى أن هاجر إلى الحبشة، رجع مع من هاجر إلى مكة ثانية، والتقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

كان مصعب بن عمير أوّل من هاجر إلى المدينة، وذلك أنَّ الأنصار كتبوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ابعث لنا رجلاً يفقهنا في الدين ويقرئنا القرآن، فبعثه -صلى الله عليه وسلم- إليهم.

حينما قدم المدينة نزل على أسعد بن زرارة، وكان يأتي الأنصار في دُورهم أو قبائلهم فيدعوهم إلى الإسلام.

أسلم على يده أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، وبعث إليه عمرو بن الجموح بعد أن قدم المدينة ليسأله عن أمر الدين الجديد، فأجابه مصعب، وأسمعه صدر سورة يوسف، فأسلم على يده.

خرج من المدينة مع السبعين الذين وافوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العقبة الثانية، وأقام مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة بقية ذي الحجّة ومحرّم وصفر.

شهد بدراً وأحداً مع رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، وكان لواء الرسول -صلى الله عليه وسلم- معه.

استُشهد في معركة أحد سنة 3 هـ، قتله ابن قثمة الليثي. قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- “ا رأيت بمكة أحسن لمة، ولا أنعم نعمة، من مصعب بن عمير”.

قال سعد بن أبي وقاص: “كان مصعب بن عمير أنعم غلام بمكة، وأجوده حلة مع أبويه، ثُمَّ لقد رأيته جهد في الإسلام جهداً شديداً، حتّى لقد رأيت جلده يسقط كما يسقط جلد الحية”.

قال عنه البراء بن عازب: “أول المهاجرين مصعب بن عمير”.

وقال عنه أبو هريرة رضي الله عنه: “رجل لم أَرَ مثله كأنه من رجال الجنة”.

صارت قصة مصعب في الإسلام درسٌ من دروس السماء الغالية لبني البشر، ليتعلموا حياة الرجال مع مبادئهم، واستعلائهم على الدنيا بما فيها من متاع مبهر أخاذ، بل والأكثر من هذا، أن يتقدم الولاء للعقائد قبل وفوق كل علائق وقرابات الدنيا!