يستحب الدعاء على كل حال ، والدعاء عند إفطار الصائمين مستحب ، ولا يختص ذلك بالصائم فحسب ، والحيض لا يمنع الدعاء، حيث لا يشترط له الطهارة ، فالدعاء أظهر مظاهر العبادة، وهو سلاح المؤمن، فبه يستنزل العبد أسباب النصر، ويستمد به أسباب القوى، وبه يرتبط العبد بخالقه، ويعلم أن للكون مدبرا هو الله صاحب القوى، وإذا كان المسلم في حاجة إلى الدعاء في حياته كلها فالمكروب أولى.

يقول الدكتور حسام الدين عفانه أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-

لا شك أن الدعاء عبادة عظيمة بل ورد في الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( الدعاء هو العبادة ) رواه أصحاب السنن الأربعة وقال الترمذي حديث حسن صحيح وصححه النووي في الأذكار.
قال الإمام ابن العربي المالكي :[ وجه تسمية الدعاء عبادة بين؛ لأن فيه الإقرار بالعجز من العبد ،والقدرة لله ،وذلك غاية الذل والخضوع ].

وقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله عز وجل تحض على الدعاء، وتبين أن الأنبياء والمرسلين قد دعوا الله سبحانه وتعالى وكذا المؤمنون الصادقون، ولا ننسى أن من هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم الدعاء .

وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود .

وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي صلى الله عليه وسلم : ( ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب؟!: الله ُ اللهُ ربي لا أشرك به شيئاً ) وفي رواية أنها تقال سبع مرات، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وهو حديث صحيح كما قال الألباني في السلسلة الصحيحة.

فائدة الدعاء:-

وينبغي أن يعلم أن الدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة قال الإمام الغزالي :[ فإن قلت فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له ؟ فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لرد البلاء، واستجلاب الرحمة ؛كما أن الترس سبب لرد السهام، والماء سبب لخروج النبات من الأرض فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان فكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان .

وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله تعالى أن لا يحمل السلاح وقد قال تعالى :(وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ) سورة النساء الآية 102 كما أنه ليس من شرطه أن لا يسقي الأرض بعد بث البذر، فيقال إن سبق القضاء بالنبات نبت البذر ،وإن لم يسبق لم ينبت، بل ربط الأسباب بالمسببات هو القضاء الأول الذي هو كلمح البصر أو هو أقرب، وترتيب تفصيل المسببات على تفاصيل الأسباب على التدريج والتقدير هو القدر، والذي قدر الخير قدره بسبب ،والذي قدر الشر قدر لرفعه سبباً فلا تناقض بين هذه الأمور عند من انفتحت بصيرته .

ثم في الدعاء من الفائدة أنه يستدعي حضور القلب مع الله وهو منتهى العبادات .

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :( الدعاء مخ العبادة ) . والغالب على الخلق أن لا تنصرف قلوبهم إلى ذكر الله عز وجل إلا عند إلمام حاجة وإرهاق ملمة فإن الإنسان إذا مسه الشر فذو دعاء عريض . فالحاجة تحوج إلى الدعاء والدعاء يرد القلب إلى الله عز وجل بالتضرع والاستكانة فيحصل به الذكر الذي هو أشرف العبادات ولذلك صار البلاء موكلاً بالأنبياء عليهم السلام ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل ؛لأنه يرد القلب بالافتقار والتضرع إلى الله عز وجل ويمنع من نسيانه وأما الغنى فسبب للبطر في غالب الأمور فإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ] . انتهى.