كثيرا ما يحدث خطأ توصيف مرض الصرع بأنه بسبب مس الجان، ويقع الخطأ من المعالجين الروحانيين في التعامل مع المريض فبدلا من إحالة المريض إلى المختصين من أهل الطب يتم التعامل معه على أن به مس ثم يأخذ المعالج بالقراءة على المريض وضربه ضربا مبرحا، ولذلك فالواجب عرض الأمر على أهل الطب والأخذ بأسباب الشفاء، ولا يتعارض ذلك مع تقوية الجانب الروحي بالحرص على قراءة القرآن والمأثور من الذكر، ومسألة ضرب المريض ليس لها سند شرعي بل هو تعذيب للنفس وقد نهينا عن ذلك شرعا.

يقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
كثير من الأمراض النفسية يظنها الناس سحراً أو مساً شيطانياً، وهي في الحقيقة أمراض نفسية تحتاج إلى تشخيص متخصص وبعض الهدوء في معرفة الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة، وطالما أن المريض عاقل ويعي ما يدور حوله، فهو قادر أكثر من غيره على وصف الأعراض ومساعدة المعالج في علاجه.

والمعالجون الروحانيون غالباً ما يدخلون الأمور في بعضها، ويلبسون على المريض الحقيقة، فهم أنفسهم في أكثر الأحيان لا يعرفون ما هي طبيعة المرض أو المس أو غيره، ثم إن الإنسان المسلم له في كتاب الله تعالى شفاء فعليه به، وليتبع ما ورد من السنن في ذلك وخاصة الأذكار المأثورة في عمل اليوم والليلة، كأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم وسائر أعمال الإنسان في أيامه، ثم إن الذي ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الرقية، كالرقية بالفاتحة والمعوذات، كاف إن شاء الله تعالى إذا داوم عليها المريض، واستبعد كثيراً من الوساوس والأوهام التي تعتريه، والحمد الله رب العالمين.

ويقول فضيلة الدكتور زغلول النجار –رئيس لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية وزميل الأكاديمية الإسلامية للعلوم – :
أرفض كل أساليب المتاجرة بكتاب الله وأرفض ما يدعيه كثير من الدجالين والمشعوذين الذين يدعون قدرتهم على شفاء كل الأمراض المزمنة والمستعصية بآيات القرآن الكريم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزته الكبرى (القرآن) أمرنا أن نتداوى من كل الأمراض التي تلحق بنا وأن نأخذ بالأسباب وأن نذهب إلى الأطباء المتخصصين الذين يملكون القدرة على تشخيص الداء ويهديهم الله إلى وصف الدواء.

وجاء في فتاوى لجنة الإفتاء بوزارة الأوقاف الكويتية:
وردت بعض الأحاديث الصحيحة التي تدل على أن الجن قد يتسلطون على ضعاف الناس ويسببون لهم أحوالاً مرضية لا يجدي فيه العلاج الطبي، وورد أن بعض هذه الحالات عولجت بتقوية نفس المصاب، وذلك بالتعوذ والأدعية وزجر الجني المتسلط عليه، ولا يقوى على ذلك إلا من كان قوي الإيمان والعزيمة، حتى يكون سلطانه على الأنفس الشريرة، أقوى من سلطانها، فإذا تخلص المصاب مما كان يعانيه دل ذلك على جدوى العلاج، والجن كالإنس ـ فيهم الصالحون، وفيهم المفسدون وذلك بنص القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الجن: (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا)الجن:11، وقوله تعالى: (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً) الجن:41.

وإذا أصيب الإنسان بمرض أو خلل في جسمه أو عقله فإن السبيل الذي دعت إليه الشريعة هو الرجوع إلى المختصين من الأطباء، فإذا لم يجد العلاج، فإن من المحتمل أن يكون سبب الإصابة أو المرض غير عضوي، فيضم إليه العلاج الروحي مثل الأدعية والأذكار وتقوية نفس المصاب والتغلب على تسلط النفس الشريرة المؤثرة عليه، وليس هناك أمور خاصة تحتاج إلى تعلم أو تعليم، بل كل ما يحتاج إليه العلاج هو الدعاء بالأدعية المأثورة وترداد الأذكار الواردة، مضافاً إلى ذلك صلاح المعالج وتقواه وقوة نفسه.