من المعلوم أن الإسلام أعنى النظافة اهتماما خاصا، فهو يريد من أبنائه أن يبدوا في أبلى حلة ، وأحسن هيئة ، فمن هنا وجدنا الإسلام يأمر بالوضوء للصلاة ، ويجعل الوضوء على الوضوء نورا على نور ، ويأمر بالاغتسال ، خاصة في المناسبات العامة كالأعياد والجمع وعند السفر وغيرها .
كما اعتنى الإسلام بنظافة الجسد ظاهرا وباطنا، فسن الرسول صلى الله عليه وسلم سنن الفطرة ،كالاعتناء بالشعر وتنظيف الفم والأسنان والتسوك أو استعمال معجون الأسنان ، ونتف الإبط وإطلاق اللحية مع الاهتمام بنظافتها ، و حلق العانة ، حتى لا يصاب الإنسان بمكروه في جسده .
بل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت للقص والحلق في الإبط والعانة وغيرهما مدة لا تزيد على أربعين يوما .

فجاء في حديث أنس عند الإمام مسلم { وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة }.

وللعلماء في هذا التوقيت آراء :
1- ألا تزيد مدة التنظف على أربعين يوما ، ومن تركها أكثر من أربعين عوتب لمخالفته السنة ، وقال البعض : لا إثم عليه ولا عتاب .
قال الإمام عبد الرحيم العراقي من علماء الشافعية :
ليس فيها(أي مدة الأربعين يوما ) تأقيت لما هو أولى بل ذكر فيها أنه لا يزيد على أربعين قال صاحب المفهم هذا تحديد أكثر المدة. انتهى
قال الإمام النووي الشافعي تعليقا على حديث أنس :
معناه : تركا نتجاوز به أربعين لا أنه وقت لهم الترك أربعين.
وقال الإمام أبو بكر الجصاص من علماء الحنفية :
ذكر من توقيت الأربعين في الحديث المتقدم فجائز أن تكون الرخصة في التأخير مقدرة بذلك وأن تأخيرها إلى ما بعد الأربعين محظور يستحق فاعله اللوم لمخالفة السنة. انتهى
وقال الإمام الشوكاني من علماء الزيدية :
بل المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز تجاوزها ولا يعد مخالفا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية.
2- ويرى بعض الفقهاء أن الإنسان يتعاهد نفسه بالقص والتقصير من الجمعة إلى الجمعة .
نقل الإمام عبد الرحيم العراقي عن بعض العلماء قولهم :
والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة وإلا فلا تحديد فيه للعلماء إلا أنه إذا كثر ذلك أزيل.
3- أن هذا مضبوط بالحاجة .
قال الإمام النووي : والمختار أنه يضبط بالحاجة والطول فإذا طال حلق . انتهى
وقال والتوقيت فيه فإنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.انتهى

والراجح أن نتف الإبط وحلق العانة أو غيرهما ينضبط بالحاجة ، لاختلاف أحوال الرجال، فمن الناس من يطول شعره أسرع من غيره ، على ألا يتجاوز الأربعين يوما ، لمخالفته لأقصى مدة سمحت السنة بترك فعل هذه الأمور ، والأولى التعاهد كل أسبوع .