دلت السنة على جواز المسح على الخفين، و ذلك بشرط أن يكون الخفان طاهرين، وبشرط أن يلبسهما بعد الوضوء ، فإن أحدث اللابس لهما بعد ذلك فله أن يمسح عليهما لمدة أربع وعشرين ساعة في الحضر ، وثلاثة أيام في السفر . وتبدأ المدة منذ أول مسح عليهما.

فلو لبس الخفين ، واستمر على طهارته يوما كاملا، ثم انتقض وضوؤه فتوضأ ومسح على الخفين فتبدأ المدة من وقت المسح، ولا يحسب ما مضى من المدة، وله أن يمسح عليهما طوال أربع وعشرين ساعة فإذا انقضت هذه المدة فلا تبطل طهارته إلا بحدوث ناقض.

وأما إذا احتاج لابس الخفين إلى غسل الجنابة فعليه حينئذ أن يغتسل ويغسل رجليه، ولا يكفيه أن يمسح عليهما في هذه الحالة .

يقول الشيخ العلامة ابن العثيمين- رحمه الله-:-
يشترط للمسح على الخفين أربعة شروط :

الشرط الأول : أن يكون لابساً لهما على طهارة ، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : (( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين )) .

الشرط الثاني : أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرة ، فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته ، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذى أو قذراً ، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ولأن النجس إذا مسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة ، فلا يصح أن يكون مطهراً .

الشرط الثالث: أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم .

فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .

الشرط الرابع: أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً،وهو يوم وليلة للمقيم،وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر،لما روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن،يعني في المسح على الخفين.( أخرجه مسلم ) .

وهذه المدة تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث ، وتنتهي بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم ، واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر . فإذا قدرنا أن شخصاً تطهر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلى العشاء من ليلة الأربعاء ، ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس ، فلو قدر أنه مسح يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة ، فإن له أن يصلي الفجر أي فجر يوم الخميس بهذا المسح ويصلي ما شاء مادام على طهارته ؛ لأن الوضوء لا ينتقض إذا تمت المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم.

وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت الطهارة وإنما وقت المسح، فإذا تمت المدة فلا مسح ولكنه إذا كان على طهارة فطهارته باقية، لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يرتفع إلا بدليل شرعي ، ولا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ، ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله . فهذه الشروط التي تشترط للمسح على الخفين ، وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر .