حديث ” إذا أُقِيمت الصلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبة ” حديث صحيح ورد في صحيح مسلم، وفي رواية له أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مَرَّ بِرَجُلٍ يصلِّي وقد أُقيمت صلاة الصبح فقال: “يُوشِك أن يُصَلِّي أحدكم الصبح أربعًا” يقول النووي: فيها النَّهي الصريح عن افتتاح نافِلة بعد إقامة الصلاة سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها، وهذا مذهب الشافعي والجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا لم يكن صلَّى ركعتي سُنة الصبح صلاهما بعد الإقامة في المسجد ما لم يخش فوت الركعة الثانية، وقال الثوري ما لم يخش فوت الركعة الأولى. وقالت طائفة يصليهما خارج المسجد ولا يصليهما بعد الإقامة في المسجد.

والحِكْمَة في هذا النَّهي أن يتفرغ الإنسان للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام، وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة الأولى بالمحافظة على إكمالها، وقيل إن الحِكْمَة ألا يتطاول الزمان على النافلة فيظن وجوبها، وهو رأي ضعيف. ثم قال النووي بعد ذكر رواية للحديث: فيه دليل على أنه لا يُصَلِّي بعد الإقامة نافلة وإن كان يُدرك الصلاة مع الإمام، ورد على من قال: إن عَلِمَ أنه يدرك الركعة الأولى أو الثانية يصلِّي النافلة.

أما إذا شرع في صلاة النافلة ثم أقيم للصلاة فهل يجوز له أن يخرج من الصلاة أولاً؟ ذلك أمر يرجع فيه إلى حديث “المُتطوع أمير نفسه المذكور في صفحة 219من المجلد الرابع من هذه الفتاوى”.

وجاء في نيل الأوطار للشوكاني “ج 3 ص 91، 92″ أن ابن عباس كان يصلِّي وأخذ المُؤذِّن في الإقامة فَجَذَبه الرَّسول وقال” أتصلِّي الصبح أربعًا” رواه البيهقي والطبراني وأبو داود وغيرهم، وجاء في رواية للطبراني أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لرجل يصلِّي ركعتين الغَداة ـ الصبح ـ حين أخذ المُؤَذِّن يقيم “ألا كان هذا قبل هذا، وإسناده جيد كما قال العراقي.

وفي هذا دليل على أن المُصلي للنَّافِلَة يقطعها لِيُدْرِكَ الجماعة حين يَسْمَع الإقامة، ويحتمل أن معنى “فلا صلاةَ إلا المَكْتُوبة” لا يشغل بها وإن كان قد شرع فيها. وبعد أن ذكر الشوكاني تسعة أقوال في معنى الحديث قال : قال الشيخ أبو حامد من الشافعية: إنَّ الأفضل خروجه من النَّافلة إذا أداه تمامها إلى فوات فضيلة التحريم، وهذا واضح.