الصلاة بأقوالها وأفعالها تشتمل على أركان واجبة الأداء لا تصح الصلاة إذا تُرك واحد منها ، وذلك كالركوع والسجود، كما تشتمل على سنن يُنْدب ويُسْتحب فِعْلها، وتصح الصلاة بدونها كالتسبيحات وتكبيرات الانتقال من ركن لآخر، فالأركان أساسية والمندوبات كمالية، وقد قسَّم العلماء المندوبات الكمالية إلى أقسام بعضها أهم من بعضها الآخر، ورأى بعضهم أن الأهم منها يُعَوض عند عدم الإتيان به بسجود السهو، وذلك كالقنوت في الصبح، والتشهد الأول، ومنها ما لا يُعَوض إن تُرِك كدعاء الاستفتاح، ورفع اليدين عند التكبير للركوع، وعند الرفع منه.

وذلك كله مأخوذ من أقوال النبي (ص) وهو القائل ” صَلُّوا كما رأيْتُموني أُصَلِّي” رواه البخاري، والجلوس في الصلاة قد يكون ركنا أساسيًّا كالجلوس بين السجدتين، والجلوس للتشهد الأخير، وقد يكون غير أساسي ومنه الاستراحة.

وهذه الجلسة تكون بعد الرفع من السجدة الثانية عند القيام للركعة التالية، وقد اختلف العلماء في حُكْمها، بِنَاء على اختلاف الأحاديث الواردة بشأنها، فقال بعضهم إنها من سنن الصلاة فيُستحب للمصلِّي أن يأتي بها لينال ثوابًا، ومَن لم يأتِ بها لا تَبطُل صلاته، وقال بعضهم الآخر ليست من سنن الصلاة فلا ثواب على فعلها، ولكنها مباحة لمن يحتاج إليها، كالمُتعَب لمرض أو لكِبَر سن أو لسبب آخر. والنبي (ص) لم يأمر بها قولًا، ولكن كان يفعلها أحيانًا ويتركها أحيانًا أخرى، بدليل أن الذين روَوْا صفة صلاته ذكرها بعضهم، ولم يذكرها بعضهم الآخر، ولو كانت هي من عادة النبي دائمًا في صلاته ما أهمل هؤلاء الرواة ذكرها.

من هذا نرى أن جلسة الاستراحة مُرخَّص فيها لمن احتاج إليها، أما تَرَتُّب ثواب على فعلها أو عدم ترتُّبه فليْس فيه نص يُعتمد عليه، وعلى هذا لا يجوز التعصب لها ولا يُعاب مَن يتركها بأنه مخالف للسنة، ولعلَّ ترك النبي (ص) لها أحيانًا دليل على سماحة الإسلام ويسره ما دامت الأساسيات مؤدَّاة، ولكلٍّ أن يزداد من الخير بما يشاء مما شرعه الدين.