سئل الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي هذا السؤال في برنامج فقه الحياة، الذي أذيع على قناة أنا فأجاب :

إذا ذكرت الأمة في المجال الإسلامي، فالمقصود بها أمة الإسلام، أمة الإجابة، أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، أمة القبلة، هذه الأمة بكل فرقها ينبغي أن يُحترم ما أجمعت عليه، وهذا يدخل في باب الإجماع المتيقن، والأمة معصومة في مجموعها، بينما لا يوجد إمام معصوم عندنا أهل السنة.

فليس عندنا أحد بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معصوم، لا الخلفاء الأربعة ولا كبار الصحابة ولا أمهات المؤمنين، ولا أحد إلا النبي -صلى الله عليه وسلم -هو وحده الذي قال الله فيه : “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم : 3 – 5]”. إنما المعصوم هو مجموع الأمة؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة” وقد جاء الحديث من طرق يقوي بعضها بعضًا، وهذا أمر مجمع عليه.

الأمة في مجموعها معصومة، ولا يمكن أن تخرج الأمة كلها على الإسلام، ولا بد أن يظل في هذه الأمة من يقول الحق، كما قال الله تعالى: “فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام : 89]”وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [الأعراف : 181]” وكما قال سيدنا علي: “لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة”، وما جاء في الحديث “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين”.

وكما جاء في أحاديث مستفيضة، عن عدد من الصحابة عن الطائفة التي يسميها العلماء الطائفة المنصورة، وهي التي تقوم على الحق، “لا تزال طائفة من أمتي قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون أو هم على ذلك”، فلا يمكن أن تجتمع الأمة على ضلالة”.

فمن يريد أن يخرج على الأمة فهو مرفوض، وهذا ضابط مهم، وخصوصًا الأمة في قرونها الأولى؛ لأن خير قرون هذه الأمة كما جاء في أحاديث مستفيضة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هم القرن الأول “قرن الرسول صلى الله عليه وسلم” ثم قرن الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، هذه القرون الثلاثة هي خير قرون هذه الأمة، فإذا أجمعت على أمر لا يجوز لأحد أن يدعي أن الأمة هذه لا تعرف شيئًا، ويقوم بتفسير القرآن تفسيرًا جديدًا، لا يعرفه أبو بكر، ولا عمر، ولا ابن مسعود، ولا ابن عباس، ولا مجاهد، ولا قتادة، ولا الطبري، ولا القرطبي، ولا ابن كثير، هذا جنون، كيف يريد أن يصنع أمة أخرى بدين آخر.