تحدث العلماء عن مُصلَّى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي المكان الذي كان يلازم فيه الصلاة أو يُكثرها فيه، وكان كثير من الناس وبخاصة بعد وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحرصون على الصلاة في مصلاه.
أما المنبر فنحن نعلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يخطب أول الأمر واقفًا، وإذا تعِب استند إلى جِذع نخلة، ثم انتهى الأمر إلى بناء منبر له يستريح عليه، وحدث تطوُّر في هذا المنبر، ولكن أين وُضِع؟ هل على يمين مُصلَّى الرسول عليه الصلاة والسلام؟
يقول المطري أحد المؤرخين للمسجد النبوي: ورد أن الواقف في مُصلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تكون رُمَّانة المنبر الشريف حَذْو مِنْكَبِه الأيمن، وجاء في: “إحياء علوم الدين” للإمام الغزالي أن المُصلِّي في مُصلَّي الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يجعل عمود المنبر حَذْو مِنْكَبِه الأيمن.
من هذا نرى أن مِنبر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان على يمين المُصلَّى ـ القبلة أو المحراب ـ لكن هل هذا الوضع واجب الالتزام؟
لم يَرد نص بالالتزام وإنما الكلام الوارد هو بيان موضع المنبر وهو لا يدل على الوجوب، وإن كان يدل على الندب اقتداء بما كان عليه الحال في أيام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس بحرام أن يُوضع المنبر في أي مكان. والمهم هو وجود شيء مرتفع يساعد الخطيب على إسماع الناس، وقد يُستغنَى عنه بمكبِّر الصوت، وتؤدَّى الخُطبة من وقوفٍ على الأرض وجلسة على كرسي كما يحصل أحيانًا في بعض المساجد في خُطبة العيد.
إن الأمر سهل لا ينبغي أن يشتدَّ فيه الخلاف، وإن كان من الأوفق أن يُراعى المأثور عن السلف في ذلك، وهي وضع المنبر على يمين المِحراب.