يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يَفرَكْ مؤمنٌ مؤمِنةً»، والفَرْكُ: البُغْضُ والكُرْهُ، والمُرادُ بالمؤمِنِ والمؤمِنةِ هنا الزَّوجُ والزَّوجةُ، قيلَ: هذا نَفيٌ في مَعنى النَّهيِ، أي: لا يَحصُلُ البُغضُ التامُّ لها؛ وقيلَ: هو نَهيٌ، أي: يَنبَغي للزَّوجِ ألَّا يُبغِضَ زَوجتَه بُغضًا شَديدًا يؤدِّي إلى ظُلمِها وتَركِها وإعْراضِه عنها.

ثُمَّ علَّلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ بأنَّه إنْ كَرِهَ الزَّوجُ منها خلُقًا سيِّئًا، وجَدَ فيها خلُقًا مُرْضيًا، كأنْ تكونَ شَرِسةَ الخُلقِ؛ لكنَّها دَيِّنةٌ، أو جميلةٌ، أو عَفيفةٌ، أو رَفيقةٌ به، أو نحوُ ذلك، فيَرضَى بهذا الخلُقِ الحَسنِ الَّذي يوافِقُه، فيُقابِلُ هذا بذاك، فيَحمِلُه ما رَضيَ منَ الحَسنِ، على الصَّبرِ على ما لا يَرضَى مِنَ السيِّئِ، فيَغفِرُ سيِّئُها لحَسنِها ويَتغاضَى عمَّا يَكرَهُ لمَا يحِبُّ، فلا يُبغضُها بُغضًا كليًّا يَحمِلُه على فِراقِها.

تمهل أيها الزوج ورفقا:

فلو فكر كل إنسان في طلاق زوجته لمجرد أنه يشعر منها بالضجر والضيق لما رأينا زوجا ممسكا زوجة ولطلقت نساء الدنيا جميعا.. 

أيها الزوج .. لعلك رأيت من زوجتك هذا الضيق أثناء فترة الحمل أو أثناء فترات حيضها ، أو لأنها تتألم مما تتألم منه أنت؟ فهي تشعر بما أنت فيه من هم وضيق بسبب الرزق ولعل ولعل… فهل يعقل أن يكون تفكيرك في هدم كيان الأسرة وفض سامرها دون أن تجتهد في البحث عن معرفة أسباب ما هي فيه من ضيق وضجر ، وبدلا من أن تمتد إليها يد المحبة والرحمة لتخفف عنها ما هي فيه الآن تكافؤها بالطلاق؟ 

أيها الزوج .. اتق الله في نفسك واتق الله في زوجك وأولادك واعلم أن رباط الزوجية رباط وثيق وسماه الله تعالى ميثاقا غليظا ، فعرى هذا الميثاق لا تنفك لمجرد أي ريح تمر وتعكر صفو الحياة ، ولكن واجب أن تكون ثابتا تتمايل إذا ما هبت الريح ولكن لا تتتزع ولا يتزلزل كيان الأسرة بل تحنو عليهم بعطفك وحبك ورحمتك إياهم فإذا ما انقشعت الغمة عاد البيت إلى هدوئه وسكينته وطمأنيته..

وأي حل يقدمه الطلاق لزوجتك تعجز أنت عنه؟ فعليك أن تراعي المصالح والمفاسد في طلاقك امرأتك، ولعلك إن كرهت منها خلقا يسرُّك منها خلق آخر كما قال الله جل وعلا: (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) (النساء: 18). وقال : “لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. 

نصيحة في حسن التعامل مع الزوجة:

نوصيك أيها الزوج بأن تجعل الصبر والتنازل هو شعارك في حياتك الزوجية: -فلقد تنازلت لك هذه المرأة عن أعز ما تملكه ألا وهو عرضها. -فكان الإحسان منك أن تتنازل أنت عما هو أهون من هذا في بعض أمورك. 

وليس بالضرورة أن تتفق أنت وزوجتك في كل صغيرة وكبيرة فهذا من المستحيلات ولكن غض الطرف عما يحدث والتنازل لآرائها أحيانا خاصة إذا لم تكن في معصية الله مما يعين على استمرار الحياة الزوجية. 

وأدعوا الله سبحانه وتعالى دائما ليلا ونهارا سرا وجهارا أن يقر عينيك بزوجتك ويبارك لك في أولادك وأن يصرف عنكم الشيطان ونزغاته. 

أما الطلاق فإن هذا مما يفرح الشيطان فلا تهدم بيتك بيدك واعلم رحمك الله أن السلف كانوا إذا رأوا من زوجاتهم نفورا أعادوا سبب ذلك إلى ذنوبهم حتى قال قائلهم: إني لأعصي الله فأرى أثر ذلك في خلق دابتي وزوجتي.