الوضوء شرط لصحة الصلاة، وله فرائض لا يصح إلا بها كغسل الوجه واليدين ومسح الشعر وغسل الرجلين، وسنن يستحب فعلها كالمضمضة والاستنثار وغيرها. ويجب الوضوء للصلاة، ويستحب لذكر الله والنوم وغيرها.

وردت في فضل الوضوء أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه ، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه ، حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافره فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من تحت أظافر رجله ، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة.

وروى مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات ، قالوا بلى يا رسول الله ؟ قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المسجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ـ ثلاثا ـ .

والوضوء هو غسل الأعضاء الظاهرة : الوجه واليدين والرجلين على الصفة التي ذكرها القرآن وأوضحها النبي صلى الله عليه وسلم وهي:

أولا:غسل اليدين ثلاث مرات والمراد باليدين الكفان وظاهرها فقط .

ثانيا :المضمضة ثلاثا ، ثالثا : الاستنشاق والاستنثار ، رابعا : غسل الوجه ثلاثا ، خامسا : غسل اليدين إلى المرفقين ثلاثا ، سادسا : مسح الرأس ، سابعا : مسح الأذنين ، ثامنا : غسل الرجلين إلى الكعبين .

وقد ذكرت صفة الوضوء كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريق بين سنة وواجب كما سلك عليه الفقهاء لعدم جدوى ذلك التفصيل .

وقد درج الفقهاء على تسطير النية في أول كل عبادة عند تفصيل أفعالها، وهو صنيع لم يكن من هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير المعلمين وأفضل المصلحين ، فقد كان يعلم من لا يحسن الوضوء أو الصلاة أو غيرهما من العبادات فيعرفه أركان العبادة التي يجهلها وما ثبت عنه أنه يذكر النية في جملة ما يذكر لمن يعلم ، بل اكتفى بأن بين النية أساس لكل عمل حيث قال: إنما الأعمال بالنيات، وللناس أن يطبقوا هذه القاعدة على جميع عباداتهم دونما حاجة إلى التنصيص عليها في أول أركان كل عبادة الأمر الذي أدى إلى خلق الوسوسة في صدر كثير من المؤمنين ثم إلى التلفظ بها قبل تكبيرة الإحرام وهو بدعة.

فالنية حاصلة للمؤمن بالضرورة من غير تكلف لها فانتقاله من محله إلى مكان الوضوء أو الصلاة مثلا ليس له دافع إلا النية.

وإن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه الشيخان عن عثمان أنه دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثم اليسرى ثلاثا ثلاثا .

ومن كان يلبس الجوربين (التقاشر) فليمسح عليهما فإن ذلك يكفيه عن غسل رجليه بشرطين : أحدهما أن يلبسهما وهو على وضوء كامل قد غسل فيه جميع أعضائه بما فيها رجليه ، الثاني : أن ينزعهما بعد أربع وعشرين ساعة إذا كان في بلده وبعد ثلاثة أيام إذا كان مسافرا فيتوضأ ويغسل رجليه ثم يستأنف لبسهما إن شاء الله .

ما يستحب له الوضوء

هذا والوضوء الواجب هو الوضوء للصلاة فرضا ونفلا والوضوء للطواف وهناك بعض الأعمال والأقوال يندب الوضوء منها :

ـ عند ذكر الله تعالى فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى أقبل على جدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام ، وهذا من سبيل الأفضلية والندب وإلا فذكر الله يجوز على غير الطهارة من غير كراهة لما رواه الخمسة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.

ـ عند النوم لما رواه البخاري عن البراء بن عازب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل : اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك والجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك أمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به ، ويتأكد الوضوء عند النوم للجنب فقد روى الخمسة عن أبي عمر قال يا رسول الله أينام أحدنا جنبا قال نعم إذا توضأ .

ـ ومنها تجديد الوضوء لكل صلاة فقد روى مسلم والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان يوم الفتح توضأ وصلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر : يا رسول الله إنك فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال:عمدا فعلته يا عمر .أ.هـ