يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة إبراهيم: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (الآية: 7).
ومعنى “تأذن ربكم” أي أعلمكم وأخبركم بوعده الكريم، أو أقْسم بعزته وجلاله وكبريائه، لئن شكرتم النِّعَم، وقدرتم فَضْلَ الله عَلَيْكم، وحمدتموه على آلائه وخيراته ، ليزيدن لكم هذه النعم، وليُضاعفن ذلك الفضل عليكم.

ولئن كفرتم النعمة وجحدتموها ليكونن عذاب الله شديدًا عليكم، حيث يَسلبُ النِّعْمَة وَيُعَاقِبُ عَلَى كُفْرانها وجُحُودِهَا.

وقد جاء في حديث سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: “إنَّ العبد ليُحْرَمُ الرزق بالذنب يصيبه” أي يرتكبه ويغفله.

والشكر أقسام: شُكر قلبي، وشكر لساني، وشكر عملي:

-فشُكْرُ القلب هو الاعتقاد والإيمان بفضل الله سبحانه، والاعتراف الداخلي بنعمه وآلائه.

-وشُكْر اللسان هو ترديد الكلمات المُعَبِّرَة عن الاعتراف بالنعمة وقد قال القائل: “جُعِلَ الكلامُ على الفؤاد دليلاً”.

-وشُكْرُ العمل هو حسن استعمال النعمة، والشكر عليها عمليًّا بالطاعة، والعبادة، والإنفاق لوجه الله تعالى.

وإذا كانت هذه الأنواع كلها واجبة ومطلوبة، فلا شك أن الشكر العملي هو جوهرها وعمادها؛ لأن العمل بالطاعة ينشأ عن إيمان القلب، والألفاظ عنوان ظاهري على الاعتقاد الداخلي.
ولو اقتصر الإنسان على مُجرَّد التلفُّظ بكلمات تدُل على الشكر، دون وعْي لها أو تأثر بها، لمَّا كان ذلك كافيًا.