الترويح عن النفس أمر مطلوب حتى لا تمل النفوس، ولكن الترويح ليس معناه أخذ إجازة عن الواجبات الشرعية، وليس معناه الترخص في الوقوع في المحرمات بل لا بد من ضوابط مشاهدة المسلم للتلفزيون.

وهناك مجالات كثيرة للترويح عن النفس… منها أفلام الكرتون الخالية من الفتنة والعورة، وألعاب الرياضة، وغير ذلك، وأنا أقدر معك أن من حق الملتزم أن يروح عن نفسه… لكنه يجد نفسه أمام مشكلة.. هي أن معظم مواد الترفيه لم يراع فيها الحلال والحرام؛ لأن القائمين عليها لا يهمهم هذا الجانب أصلا.

فإذا أراد المسلم أن يشاهد فيلما في التلفاز أو السينما… فأين هذا الفيلم الخالي من الإيحاءات الجنسية؟ وإذا وجد فلا شك أن الفيلم لا بد أن يشتمل على عنصر النساء، والمشكلة ليست في النساء، ولكن كيف يوظف القائمون على الفيلم المرأة….. فهي في أحسن أحوالها لا تلتزم بحجابها الشرعي…… فأين هذا الفيلم الذي يلتزم بإظهار المرأة مستورة إلا من الوجه والكفين؟!

هذا من ناحية الشكل، وأما عن المضمون فالأفلام في غالبها تسوق لمعاني وأفكار ورؤى تصطدم بالشريعة الإسلامية اصطداما مباشرا، فلا بد أن يكون لكل رجل فتاة تحبه ويحبها، وتقابله ويقابلها، حبا طاهرا عفيفا، وهذا الحب الطاهر  العفيف يستباح معه التغزل في عينيها وشفتيها……..

والوفاء تلك القيمة الإسلامية بل الإنسانية العظيمة تكاد تختزل في الأفلام في مدى قصر الفتاة نفسها على حبيبها وعدم تطلعها إلى غيره وإلا كانت خائنة آثمة، فالعلاقة الآثمة هي تلك التي تبيح فيها المرأة نفسها لكل الرجال، أما قصرها على حبيبها فهو الوفاء، ولذلك لم أعجب أن جاءتنا إحدى الرسائل مرة في موقعنا من فتاة أسلمت نفسها لمن تحب، ثم فوجئت بعد سنوات من شيخ مصادفة أن هذا اسمه زنا ، وسألتنا مندهشة هل صحيح ما يقوله هذا الشيخ المتطرف؟ وأضافت أنها تعتقد أن الزنا هو إتاحة البضع للجميع لا للحبيب!!!

والفتاة التي تغض من بصرها، وتقصره عن الرجال فتاة متخلفة معقدة تحتاج إلى طبيب نفساني حتى يخرجها من عقدتها ، ويعيدها للحياة فتاة سوية عاقلة!

ولقد غاب عنا الحجاب فما رأيناه في أفلامنا ومسلسلاتنا ،وقد خرج علينا هذه الأيام فجأة ، وليته ما خرج فقد أظهروه ليسوقوا لفكرة خبيثة ، مؤداها أن حسب الفتاة من دينها الحجاب، ولا عليها بعد ذلك أن عربدت كما تعربد الأخريات.

ولقد حدثنا بعضهم أن ثمة فيلما عقد مقارنة بين أسرتين، واحدة محافظة، وأخرى عادية- لاحظ التسمية محافظة لا متدينة ، وعادية لامستهترة ولا فاسقة.-أما الأولى فكانت تدقق في ثياب بنتها ، وتسألها عن خروجها وولوجها، وكانت تضع لها سقفا في الحرية، وأما الأخرى فتركت لبنتها الحبل على غاربه ، وما مانعتها في شيء كبير أو صغير ، وكانت النتيجة أن زنت البنت الأولى، وعفت الثانية…. في محاولة سافرة لجعل الأسرة الثانية الأنموذج المنشود لمن يبتغي العفة والسداد!!

وما عرفنا اختزال الشرف في  بكارة البنت إلا من هذه الأفلام، فالفتاة تعربد ما شاءت، وتعيش  بين أحضان الرجل ، ينال منها وتنال منه… ولا عليها في ذلك فهي الشريفة العفيفة طالما غاصت هذه البحار ، ونجت من بين أمواجه المتلاطمة ببكارتها رمز العفة والطهارة.

وقد نظرت الأفلام إلى سيئات المجتمع وخطاياه، فاعترفت ببعضها، وأظهرتها على أنها سيئات وأنكرت الباقي، فالرشا والاختلاس والسرقة سيئات في نظر هذه الأفلام ، وطالما حوربت الرشا من خلالها ، لكننا لم نسمع يوما عن محاربة الربا مثلا!!! وهكذا.

ولذلك فعلى المسلم في المجال الفني عبء كبير حتى يخرجوا الفيلم الإسلامي الذي لا يتحرج المسلم من متابعته ومطالعته، ولا يضطر بين الحين والآخر ليلفت وجهه إذا رأى عورة أو فتنة.

وحتى يحدث هذا فعلى المسلم أن يصبر ويحتسب، ويبحث عن أدوات الترفيه الخالية عن المحرمات.

ولا شك أن هذا من بعض مظاهر الغربة التي عناها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل قوله : (إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء قالوا يا رسول الله وما الغرباء قال: الذين يصلحون عند فساد الناس ).