قال الله سبحانه وتعالى : ” ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ” فهو تعالى لا مثيل له ولا شبيه له ولا كفو له ولا ند له ، وهو تعالى منزه عن مماثلة المخلوقين ، وكل ما يخطر ببال ابن آدم نحو ربه فالله تعالى أعظم من ذلك ، ولا يمكن للمخلوق أن يحيط به جل وعلا ولا أن يتخيل صورته.

قال عز وجل : ” ولا يحيطون به علما ” ، وليس المسلم مكلفاً أصلا أن يتخيل الله أو يتصوره ، بل عليه أن يعتقد أن لله الصفات العلى التي تليق بعظمته وجلاله لا يماثله أحد فيها ، ومن عقيدة المسلمين أن الله تعالى لا يُرى في الدنيا كقوله عز وجل : ” لا تدركه الأبصار ” ، إنما يراه المؤمنون في الآخرة في العرصات – في أرض المحشر – وفي الجنة.

وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح مسلم – : هل رأيت ربك ؟ قال : رأيت نورا ، وفي رواية : ” نورٌ أنى أراه ؟ ” أي كيف أراه ، وهذا موافق لقول الله تعالى لموسى في سورة الأعراف : ” لن تراني ” أي في الدنيا .

فلم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره ربه بعيني رأسه ، وفي الآخره إذا رآه الناس في المحشر خروا له سجّدا لعظمته وجلاله ، وتكون رؤيته في الجنة أعظم نعمة يعطاها أهل الجنة على الإطلاق .

ونضرب مثالا لتوضيح الأمر أكثر، وذلك لكل من يوسوس له الشيطان: 

لو أنك أيها المسلم لك من الأخوة أو الأقارب شخص أعمى منذ ولادته، وفي يوم من الأيام استعان بك في لباسه فسألته أنت أي اللباس تحب الأحمر أم الأبيض أم الأصفر أم البني، وأنت لست بأعمى بل تبصر فما هو ردك عليه، هل يمكن أن تصف له هذه الألوان حتى يخبرك ما يود لبسه؟

الحقيقة لو حاولت وجاهدت نفسك كثيرا لن تستطيع أن تبين لقريبك ما هي هذه الألوان أبدا وأنت ترى كل شيء من حولك حتى هذه الألوان لكنك عجزت عن وصفها؟

أفتريد أن تتخيل الله سبحانه وتعالى وتصفه وتريد أن يصفه لك أحد من الناس، وهو أوسع بكثير مما في دنيانا مما لا نستطيع وصفه، فالزم أيها المسلم قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) وقوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير )

فعلى المسلم أن يتعرف على الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته التي أخبر عنها في كتابه، وأخبر عنه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يكلف نفسه ما لا تطيق ولينصرف إلى ما أمره به ربه وليترك عنه وساوس الشيطان.