لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر، والعذر هنا مقصور على النوم والنسيان، فإذا استيقظ النائم أو انتبه الناسي بعد خروج الوقت وجب عليهما قضاء الصلاة، فإذا انتبه أحدهما قبل خروج الوقت بادر إلى أداء الصلاة، ولا إعادة عليه حتى لو لم يفرغ منها إلا بعد خروج الوقت، إلا الأحناف فإنهم يرون أن من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح فقد بطلت صلاته، ووجب عليه إعادتها، ولم يقولوا مثل ذلك فيمن غربت عليه الشمس وهو في صلاة العصر ، والراجح ما ذهب إليه الجمهور .

قال ابن قدامة في المغني:
يجوز قضاء الفرائض الفائتة في جميع أوقات النهي وغيرها . روي نحو ذلك عن علي رضي الله عنه وغير واحد من الصحابة . وبه قال أبو العالية , والنخعي , والشعبي , والحكم , وحماد , ومالك , والأوزاعي , والشافعي , وإسحاق , وأبو ثور وابن المنذر .
وقال أصحاب الرأي – المقصود بأصحاب الرأي الأحناف – : لا تقضى الفوائت في أوقات النهي التي نهى النبي عن الصلاة فيها ، ومنها ما رواه مسلم من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن , وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول وحين تضيف الشمس للغروب ), إلا عصر يومه يصليها قبل غروب الشمس ; لعموم النهي , وهو متناول للفرائض وغيرها , ولأن { النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس , أخرها حتى ابيضت الشمس } . متفق عليه .
ولأنها صلاة , فلم تجز في هذه الأوقات كالنوافل , وقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه نام , فاستيقظ عند غروب الشمس , فانتظر حتى غابت الشمس ثم صلى .
وعن كعب – أحسبه ابن عجرة – أنه نام حتى طلع قرن الشمس فأجلسه , فلما أن تعالت الشمس قال له : صل الآن .

ثم استدل ابن قدامة على ما ذهب إليه الجمهور فقال :-
قال النبي صلى الله عليه وسلم : { من نام عن صلاة أو نسيها , فليصلها إذا ذكرها } . متفق عليه .
وفي حديث أبي قتادة : { إنما التفريط في اليقظة على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى , فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها } . متفق عليه .

وقال الشوكاني في نيل الأوطار بعد أن ساق هذه الأحاديث :-
( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر } . رواه الجماعة , وللبخاري : { إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته } ) ( وعن عائشة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها . } رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة

قال الحافظ ابن حجر :-

هذا قول الجمهور , وفي رواية من حديث أبي هريرة { من صلى ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس وصلى ما بقي بعد غروب الشمس لم تفته العصر } . وقال مثل ذلك في الصبح .
وفي رواية للبخاري من حديث أبي هريرة أيضا ” فليتم صلاته ” وللنسائي { فقد أدرك الصلاة كلها إلا أنه يقضي ما فاته } .
وللبيهقي : ” فليصل إليها أخرى ” ويؤخذ من هذا الرد على الطحاوي الحنفي المذهب حيث خص الإدراك باحتلام الصبي وطهر الحائض وإسلام الكافر ونحو ذلك , وأراد بذلك نصرة مذهبه في أن من أدرك من الصبح ركعة تفسد صلاته ; لأنه لا يكملها إلا في وقت الكراهة , وهو مبني على أن الكراهة تتناول الفرض والنفل.

قال الترمذي : وبهذا يقول الشافعي وأحمد وإسحاق وخالف أبو حنيفة فقال : من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح بطلت صلاته , واحتج في ذلك بالأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس .

وادعى بعضهم أن أحاديث النهي ناسخة لهذا الحديث , والحق أن أحاديث النهي عامة تشمل كل صلاة , وهذا الحديث خاص فيبنى العام على الخاص ولا يجوز في ذلك الوقت شيء من الصلوات إلا بدليل يخصه .
وقال النووي : وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت.