لا مانع من كتابة قائمة المنقولات حفاظا على حقوق الزوجة التي غالبا ما يكون شراء هذه المنقولات من مهرها، فهي أحق به وبحفظه، والأمر مبني على العرف، وهو معمول به شرعا ما لم يحل حراما، أويحرم حلالا.

يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية الأسبق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:
من حقوق الزوجة على زوجها المهر، وهو قدر من المال يعطيه الزوج زوجته نحلة وهبة، ليستميل بذلك قلبها. قال الله تعالى: “وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً” (النساء: آية 4)، وهذا الحق المالي ملك خالص للزوجة، ليس للمولى ولا للزوج أن يأخذ منه شيئاً إلا برضا الزوجة، وطيب نفس منها. قال الله تعالى في نفس الآية السابقة: “فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” (النساء: آية 4).

وعلى الزوج وحده أن يقوم بإعداد بيت الزوجية بالأثاث المناسب من ماله الخاص، على قدر طاقته؛ ولكن العرف في مصر جرى على أن الزوجة أو وليها يأخذ هذا المهر، ويضيف إليه مبلغاً آخر من المال، قد يكون مثله، أو ضعفه، أو أضعافه، ويشتري بالجميع أثاث بيت الزوجية لابنته أو قريبته؛ ولذلك فإن هذا الأثاث يصبح ملكاً للزوجة، وقد يشترك الزوجان في تأسيس هذا البيت، فيكون ما قدمه الزوج مقابل المهر، ويصبح الجميع كذلك ملكاً للزوجة، ويبدو أن الأمر في البداية كان يتم دون كتابة لأية قائمة؛ ولكن حدثت حالات من الخلاف والشقاق بدد فيها الأزواج أثاث زوجاتهم؛ فرأى الناس حرصاً على حفظ الحقوق وضماناً لها وبعداً عن النزاع والشقاق عند الاختلاف أن يكتبوا هذه المنقولات في قائمة يوقع عليها الزوج أو من ينوب عنه بأن هذه المنقولات ملك للزوجة، وأنه أمين عليها، لا يجوز له تبديدها أو التصرف فيها دون إذن من الزوجة أو وليها، وقد يذهب بعض الناس إلى تقدير هذه المنقولات تقديراً مالياً حتى إذا بدده الزوج أو استهلكه أُلْزِمَ بثمنه، وهذا أمر قائم على العرف الذي لا يناقض أحكام الشرع؛ بل يتفق معها؛ لأن الشريعة الإسلامية تحث على حفظ الحقوق، وأداء الأمانات، والعرف الصحيح أصل من أصول الفقه، وسبب من أسباب ثرائه، وسر من أسرار ملائمة أحكامه لمصالح الناس في كل زمان ومكان، ولذلك قال الفقهاء: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.

ولو أن أقارب الزوجة وأقارب الزوج اكتفوا بكتابة المنقولات، أو قدروها بطريقة واقعية لَمَا حدث خلاف كبير؛ ولكن أسباب الخلاف الحقيقية من إحساس كل طرف بطمع الطرف الآخر وجشعه؛ ولذلك فإنني أدعو أقارب كل من الزوجين إلى التسامح والإحسان إلى الطرف الآخر، خصوصاً أنهما على أعتاب قيام علاقة جديدة بينهما، الأمر الذي يتطلب إظهار حسن النوايا بغية إنشاء أسرة جديدة يظلها الحب، وتحدوها المودة، وتساندها الرحمة.