المريض في رمضان مرضا غير يسير له حق الإفطار، وعليه قضاء ما أفطره بعد شفائه ، أما إن كان المرض مزمنا ولا يرجى شفاؤه شفاء يمكن معه القضاء فله أن يطعم عن كل يوم مسكينا بدل القضاء.

ولكن الإطعام يكون بعد الإفطار في رمضان أو بعده، أما الإطعام الذي يسبق الفطر فلا يجزئ، خاصة إذا كان على سبيل التطوع.

يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:

فإن صيام رمضان أحد أركان الإسلام، وفرض من فروض الله، المعلوم من الدين بالضرورة، الذي توارثته الأمة خلفًا عن سلف، ودل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فقد اتفق الأئمة المجتهدون على أن صيام رمضان فرض من فروض الإسلام، يجب أداؤه على كل مسلم وكل مسلمة إذا تحققت الأسباب والشروط، وانتفت الموانع، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة : 183. وكتب: أي فرض.

فهو وسيلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس، وترك الشهوات، وقال تعالى: ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة:185، والأمر هنا للوجوب، ولما فيه من تزكية النفس وطهارتها وتنقيتها مما يفسدها من الأخلاق الرديئة والصفات الذميمة.

وقال صلى الله عليه وسلم: “بُني الإسلام على خمس” وذكر منها صوم رمضان، والأحاديث كثيرة في الدلالة على فرضيته وفضله، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: “عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان.

وأما من لم يقدر على الصيام أصلاً ولو صام لأضر به ضررًا غير محتمل لكبر أو مرض لا يرجى له شفاء، فلا يجب عليه الصوم، ولكن يلزمه عن كل يوم إطعام مسكين إن كان موسرًا، فإن كان معسرًا، ثم أيسر لزمه ذلك لقوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة:184ولما أخرجه البخاري وغيره عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قرأ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) قال: يكلفونه وهو الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يطعمون عن كل يوم مسكينًا، ولا يقضون. والمريض الذي لا يرجى له شفاء، ويجهده الصوم مثل الشيخ الكبير دون فرق.

وبناء على ما قدمناه فإنه يجب على المريض أن يطعم عن كل يوم مسكينًا ما دام لا يقوى على الصوم، وإذا أخرج الفدية قبل رمضان من المال على المساكين، فإنه لا يكفر عن إفطاره في رمضان؛ لأنها أخرجه على سبيل التطوع، والتطوع لا يغني عن الفرض.