روى الطبراني عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ‏,‏ فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم ‏}‏ أي أن شرب مائها يغني عن الطعام ويشفي من السقام ‏,‏ لكن مع الصدق ‏,‏ كما وقع لأبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه ‏,‏ ففي الصحيح أنه أقام شهرا بمكة لا قوت له إلا ‏‏ ماء زمزم ‏,‏ وروى الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال ‏:‏ تنافس الناس في زمزم في زمن الجاهلية حتى أن كان أهل العيال يفدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحًا لهم ‏,‏ وقد كنا نعدها عونًا على العيال ‏,‏ قال العباس ‏:‏ وكانت زمزم تسمى في الجاهلية شباعة ‏.‏ ‏

و‏ هو لما شرب له ‏,‏ وجعله الله تعالى لإسماعيل وأمه هاجر طعامًا وشرابًا ‏,‏ وحكى الدينوري عن الحميدي قال ‏:‏ كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث ‏{‏ ماء زمزم لما شرب له ‏}‏ ‏.‏ فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال ‏:‏ يا أبا محمد ‏,‏ أليس الحديث الذي حدثتنا في ماء زمزم صحيحًا ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ‏,‏ قال الرجل ‏:‏ فإني شربت الآن دلوًا من زمزم على أنك تحدثني بمائة حديث ‏,‏ فقال له سفيان ‏:‏ اقعد ‏,‏ فقعد فحدثه بمائة حديث ‏.‏ ودخل ابن المبارك زمزم فقال ‏:‏ اللهم إن ابن المؤمل حدثني عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏{‏ ماء زمزم لما شرب له ‏}‏ اللهم فإني أشربه لعطش يوم القيامة ‏.‏ ‏

‏وماء زمزم شراب الأبرار ‏,‏ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ‏:‏ صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار ‏,‏ قيل ‏:‏ ما مصلى الأخيار ‏؟‏ قال ‏:‏ تحت الميزاب ‏,‏ قيل ‏:‏ وما شراب الأبرار ‏؟‏ قال ‏:‏ ماء زمزم وأكرم به من شراب ‏.‏ ‏

‏وقال الحافظ العراقي ‏:‏ إن حكمة غسل صدر النبي صلى الله عليه وسلم بماء زمزم ليقوى به صلى الله عليه وسلم على رؤية ملكوت السماوات والأرض والجنة والنار ‏;‏ لأنه من خواص ماء زمزم أنه يقوي القلب ويسكن الروع ‏.‏
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال ‏:‏ كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏{‏ فرج سقفي وأنا بمكة ‏,‏ فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ‏,‏ ثم غسله بماء زمزم ‏,‏ ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا ‏,‏ فأفرغها في صدري ‏,‏ ثم أطبقه ‏,‏ ثم أخذ بيدي فبرح بي إلى السماء الدنيا ‏}‏ ‏.‏

أما ‏نقل ماء زمزم ‏:‏ ‏
فقد اتفق الفقهاء على أنه يجوز التزود من ماء زمزم ونقله ‏;‏ لأنه يستخلف ‏,‏ فهو كالثمرة ‏,‏ وليس بشيء يزول فلا يعود ‏.‏ ‏

‏وذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه يستحب التزود من ماء زمزم وحمله إلى البلاد فإنه شفاء لمن استشفى ‏,‏ وقد روى الترمذي عن ‏{‏ عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم ‏,‏ وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ‏ يحمله ‏}‏ ‏,‏ وروى غير الترمذي ‏{‏ أنه صلى الله عليه وسلم كان يحمله وكان يصبه على المرضى ويسقيهم ‏}‏ ‏,‏ ‏{‏ وأنه حنك به الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما ‏}‏ ‏,‏ وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ‏{‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم ‏}‏ ‏,‏ وفي تاريخ الأزرقي ‏”‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم استعجل سهيلاً في إرسال ذلك إليه ‏,‏ وأنه بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم براويتين ‏”‏ ‏.‏ ‏
والله تعالى أعلم.