الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ غُسِّل في المكان الذي تُوفِّي فيه، وهو حُجرة السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ والذي غسَّله عليٌّ والعبَّاس والفضْل بن العباس، وقُثَم بن العباس، وأسامة بن زيد، وشُقران مولاه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَصبون الماء وأعينُهم معصوبة من وراء السِّتر، وعليٌّ فقط هو الذي لم يَعصِب عينيه. لحديث رواه البزار والبيهقي عن علي رضى الله عنه: أوصاني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا يُغسلني إلا أنت، فإنه لا يرى أحدٌ عوْرتي إلا طُمِسَت عيناه. يقول الزُّرقاني: هو تعْليل لمُقَدَّر هو: فإني أخشى على غيرك أن تَحين منه لفْتة فتُطْمَس عينه، وأما أنت يا علي فأعرف تحرُّزك من ذلك فلا أخشى عليك.
وروى ابن ماجه بسند جيد عن علي يرفعه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أنا مِتُّ فغسِّلوني بسبع قِرَب من بئري (بئر غرس بقُباء)، وغُسِّل ثلاث غسلات: الأولي بالماء القراح، والثانية بالماء والسَّدْر، والثالثة بالماء والكافور” وذكر ابن الجوزي أنه رُوي عن جعفر الصَّادق أن الماء كان يجْتمع في جُفون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكان عليٌّ يشْرَبه بفَمِه، وأما ما رُوي أن عليًّا لمَّا غسَّله امتصَّ ماء محاجر عينه فشَرِبَه، وأنه قد وَرِثَ بذلك علم الأوَّلين والآخرين، فقال النَّوَوي: ليس بصحيح وأقرَّه البخاري وغيره. هذا ما جاء في المواهب اللدنية وشرحها للرزقاني”ج8ص289″ ولم أرَ غيره.