جعل عيادة المريض من حق المسلم على أخيه المسلم فيما ذكر من الأحاديث، لا يعنى أن المريض غير المسلم لا يعاد إذا مرض.
فإن عيادة المريض أيًا كان جنسه أو لونه أو دينه أو وطنه – عمل إنساني، يعتبره الإسلام عبادة وقربة.
ولا غرو أن عاد النبي –صلى الله عليه وسلم– غلامًا يهوديًا كان يخدمه، فمرض، فذهب يعوده وعرض عليه الإسلام، فنظر إلى أبيه، فأشار إليه أبوه أن أطع أبا القاسم فأسلم قبل أن يموت، فقال -صلى الله عليه وسلم- ” الحمد لله الذي أنقذه بي من النار ” رواه البخاري.
ويتأكد ذلك إذا كان لغير المسلم حق على المسلم من جوار أو زمالة، أو قرابة أو مصاهرة، أو نحو ذلك.
إنما أفادت الأحاديث السابقة تأكيد حق المسلم، لما توجبه الرابطة الدينية من حقوق، فإذا كان جارًا أصبح له حقان : حق الإسلام وحق الجوار، فإذا كان قريبًا، غدا له ثلاثة حقوق : حق الإسلام، وحق الجوار، وحق القرابة، وهكذا …..
وقد عقد الإمام البخاري بابًا في (عيادة المشرك ) ذكر فيه حديث أنس بشأن الغلام اليهودى الذي عاده ودعاه إلى الإسلام فأسلم، كما ذكرنا.
وحديث سعيد بن المسيب عن أبيه : لما حضر أبو طالب – يعنى حضره الموت – جاءه النبي -صلى الله عليه وسلم- … الحديث البخاري مع الفتح، حديث 5657).
ونقل في الفتح عن ابن بطال : أن عيادة غير المسلم إنما تشرع إذا رجى أن يجيب إلى الدخول في الإسلام، فأما إذا لم يطمع في ذلك فلا . اهـ.
قال الحافظ : والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى.
قال الماوردي : عيادة الذمي جائزة، والقربة موقوفة على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة. (الفتح 10 / 119).