إذا كان الإسلام قد أباح التعامل مع غير المسلمين بمثل قوله تعالى ( لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (سورة الممتحنة : 8) فإن لهذا التعامل حدودًا لا يجوز الخروج عليها، ومن ذلك تحديد العورة التي لا يجوز كشفها من المرأة المسلمة أمام امرأة غير مسلمة مهما كانت العلاقة بينهما فهي معها كالرجل الأجنبي .

يقول القرطبي في تفسيره ” ج12 ص233 ” : لا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئًا من بدنها أمام امرأة مُشركة إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله تعالى ( أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ) (سورة النور : 31) وكان ابن جريج وعبادة بن نُسي وهشام القارئ يكرهون أن تقبِّل النصرانية المسلمة أو ترى عورتها، ويتأولون ( أو نسائهنَّ ) يعني المسلمات، وقال عبادة بن نُسَي : وكتب عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى أبي عبيدة بن الجراح : أنه بلغني أن نساء أهل الذمة دخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع من ذلك وحُل دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة ـ ما يعري منها ويكشف ـ، قال : فعند ذلك قام أبو عبيدة وابتهل وقال : أيما امرأة تدخل الحمام من غير عُذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسوَّد الله وجهها يوم تبيض الوجوه .

وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفها لزوجها، وفي هذه المسألة خلاف، فإن كانت الكافرة أَمَة لمسلمة جاز أن تنظر إلى سيدتها، وأما غيرها فلا، لانقطاع الولاية بين أهل الكتاب وأهل الكفر لما ذكرنا.