جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي :ـ

‏ العصمة في اللغة‏:‏ مطلق المنع والحفظ ‏,‏ وعصمة الله عبده ‏:‏ أن يمنعه ويحفظه مما يوبقه.‏ ‏
‏وتطلق العصمة على عقد النكاح ‏,‏ قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ‏}‏ أي ‏:‏ بعقد نكاحهن ‏.‏ ‏

‏ولا يخرج المعنى الاصطلاحي ‏:‏ عن المعنى اللغوي ‏.‏ ‏

‏أ‏ما العصمة بمعنى حفظ الله للمكلف من الذنوب مع استحالة وقوعها منه فلا تثبت إلا للأنبياء ‏,‏ والملائكة ‏,‏ وهي ‏:‏ ملكة يودعها الله فيهم تعصمهم من الوقوع في المحرمات والمكروهات ‏,‏ وخلاف الأولى ‏,‏ قال تعالى في حق الملائكة ‏:‏ ‏{‏ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏والأنبياء محفوظون بعد النبوة من الذنوب الظاهرة كالكذب ونحوه ‏,‏ والذنوب الباطنة ‏,‏ كالحسد والكبر والرياء والسمعة وغير ذلك ‏;‏ لأنه ثبت أن الرسول هو المثل الأعلى الذي يجب الاقتداء به في اعتقاداته وأفعاله وأخلاقه ‏,‏ إذ هو الأسوة الحسنة بشهادة الله له ‏,‏ إلا ما كان من خصائصه بالنص ‏,‏ فوجب أن تكون كل اعتقاداته وأفعاله وأقواله وأخلاقه الاختيارية بعد الرسالة موافقة لطاعة الله تعالى ‏,‏ ووجب أن لا يدخل في شيء من اعتقاداته وأفعاله وأقواله وأخلاقه معصية لله تعالى ‏;‏ لأن الله جل شأنه ‏:‏ أمر الأمم بالاقتداء برسلهم فقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ لقد كان‏‏ لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ‏}‏ وقال في حق نبينا صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ‏}‏ فإذا جاز أن يفعل الرسل بعد الرسالة والأمر بالاقتداء بهم المحرمات أو المكروهات أو خلاف الأولى ‏:‏ لكنا مأمورين به ‏,‏ وهو سبحانه لا يأمر بمحرم ولا مكروه ولا خلاف الأولى ‏,‏ قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ إن الله لا يأمر بالفحشاء ‏}‏ ‏,‏ وبذلك يثبت أن الرسل عليهم الصلاة والسلام بعد نبوتهم وبعد الأمر بالاقتداء بهم معصومون عن الوقوع في المعاصي وهذا ما يسمى ‏:‏ ‏”‏ عصمة الرسل ‏”‏ ‏.‏ ‏

‏أما عصمتهم قبل النبوة فقد اختلف فيها ‏,‏ فمنعها قوم ‏,‏ وجوزها آخرون ‏,‏ والصحيح تنزيههم من كل عيب‏;‏ لأن النبي قبل اصطفائه بالنبوة على وجهين ‏:‏ ‏

‏1 – فهو إما أن يكون لم يكلف بعد مطلقا بشرع ما ‏,‏ فالعصمة في حقه غير واردة ‏;‏ لأن المعاصي والمخالفات إنما تتصور بعد ورود الشرع والتكليف به ‏,‏ والمفروض أنه لم يكلف ‏,‏ فلا مجال لبحث المعصية أو عدمها ‏;‏ لأن الذمة خالية من التكليف ‏,‏ لكن علو فطرة الرسول وصفاء نفسه وسمو روحه تقتضي أن يكون أنموذجا رفيعا بين قومه ‏,‏ في أخلاقه ومعاملاته وأمانته ‏,‏ وفي بعده عن ارتكاب القبائح التي تنفر عنها العقول السليمة ‏,‏ والطبائع المستقيمة ‏.‏ ‏

‏2 – وإما أن يكون قبل اصطفائه قد كلف بشرع رسول سابق ‏,‏ كلوط عليه السلام حيث كان تابعا قبل نبوته لإبراهيم عليه السلام ‏,‏ وكأنبياء بني إسرائيل من بعد موسى قبل أن يوحى إليهم بالنبوة ‏,‏ ففي هذه الحالة لم يثبت في عصمتهم في هذه الفترة دليل قاطع ‏,‏ ولكن سيرة الأنبياء التي أثرت عنهم قبل نبوتهم تشهد بأنهم كانوا من أبعد الناس عن المعاصي ‏:‏ كبائرها وصغائرها .‏ ‏