هذا الأمر موجود ومعروف في بعض البلاد الإسلامية، ودرجت عليه العائلات منذ القديم، وفي تقديرينا: أنَّ هذا لم يكن فيه بأس حينما كانت النفوس طيبة راضية؛ حيث كان يتعاون الأخوة جميعاً مثلا في زراعة الأرض، وتنمية المحاصيل، ورعاية الأسرة الممتدة الواسعة، صغيرها وكبيرها.

وكان هذا في الواقع وضعاً اقتصاديًا جيداً، فحين تظل مساحة الأرض متكاملة متسعة يعمل فيها خمسة أو سبعة من الأبناء، فلا شك أنها كانت توفر من الجهد والعناء والتكلفة الكثير، على حين لو وزعت إلى خمس مساحات أو سبع وعمل كل واحد بمفرده لزاد العناء ،وكثرت التكلفة وقلَّ الناتج؛ من أجل هذا كان الناس لا يلجئون إلى تقسيم التركة فور وفاة المورث.

والملك في الميراث إجباري، بمعنى أنه بمجرد موت الوارث صار لزوجته الثمن، ولأبنائه وبناته كل واحد بسهمه، وصاروا يملكون ذلك رغماً عنهم، فهم خَلَفوا المالك منذ لحظة وفاته.

ونعلم أنه بعد سنوات عندما يكبر الصغار، ويكبر الأحفاد، وتزدحم الدار، ويبدأ الاحتكاك يكون التوزيع صعباً وعسيراً، ويؤدي أحياناً إلى خصومات وعداوات.

وقد يتولد عن ذلك مطالبة البعض بالزيادة بحجة أنه كان الأكبر والأكثر عملاً هذا صحيح وموجود.. والآن ما العمل؟

نعتقد أنه في ظل الوعي الموجود الآن، إمَّا أن يجتمع الورثة عقب الوفاة، ويقرروا الاستمرار بشروط وقواعد بحيث يختص كل واحد بجانب من العمل، على أن يكون الناتج بينهم بالطريقة التي يرضونها، وإذا وجد من لا يعمل كأن يكون موظفاً مثلاً، أو لا يريد أن يعمل –مثل بعض الوجهاء- فعليه أن يكون متأكداً أن جزءاً من الدخل السنوي سيصرف للذين يعملون ويبذلون جهداً أكبر، وتصبح إدارة هذه التركة كإدارة أي شركة، يعرف كل مشارك فيها قيمة سهمه وحصته، ويعرف أجر كل عامل فيها، سواء كان من المشاركين أو من خارج المشاركين.. وإن لم يمكن ذلك فالتقسيم والتوزيع. والله يعين الجميع.