اللواط من شر الكبائر التي يجب على المسلم أن يحذرها، وحد اللواط هو القتل عند جمهور أهل العلم وذلك إذا رفع للحاكم ، أما قبل أن يرفع للحاكم فعلى من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله عليه ، ولا يفضح نفسه، وليجتهد في إخلاص التوبة لله تعالى ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهزَّال في حديث ماعز: “لو سترته بثوبك” وهذا حث على الكتمان وعدم الفضح ورغبة في إخلاص التوبة لله .

أما في مسألة الزواج بأخت الصبي الذي حدثت معه جريمة اللواط ، فإن العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة ، فمنهم من حرم الزواج بها لأنه وطء في الفرج , فتنشر الحرمة به، ومن هؤلاء الفقهاء المالكية والأوزاعي.
ومن الفقهاء من أباح الزواج بناء على أن الحلال لا يحرم بالحرام، وأن النكاح نعمة فلا تحرم بارتكاب المخالفة، ومن هؤلاء الشافعية والحنابلة .

على أننا نرجح مذهب الشافعية الذي يفتون بعدم التحريم ، على أن يؤخذ في الاعتبار تقديم التوبة النصوح لله تعالى ، واستغفاره عما ارتكب في الصغر، وأمن الفتنة في المستقبل.

أما إذا كان النكاح سوف يكون سببا في ارتكاب اللواط مرة أخرى أو الوقوع في دواعيه فإن النكاح حينئذ يكون محرما ، ويكون العمل على مذهب الأوزاعي الذي يفتى به في مثل هذا الحال؛ لأن النكاح حينئذ يكون سببا في الوقوع في الحرام، فسدا للذرائع وللمصلحة المتحصلة للجميع في هذا الحال (حال عدم أمن الفتنة ) فإن الزواج يكون محرما لا لذاته بل لغيره.

وتفصيل العلماء في المسألة:
جاء في مغني المحتاج للشربيني:
أنه لو لاط شخص بغلام لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته.
وفي مواهب الجليل من كتب السادة المالكية :
إذا لاط بابن امرأته أو أبيها أو أخيها حرمت عليه امرأته ، وقال الأوزاعي : إذا لاط بغلام وولد للمفجور به بنت لم يجز للفاجر أن يتزوجها ، لأنها بنت من قد دخل به، وهو قول أحمد بن حنبل.

وجاء في أحكام القرآن للجصاص الحنفي :
اختلف الفقهاء أيضا في الرجل يلوط بالرجل هل تحرم عليه أمه وابنته ؟ فقال أصحابنا : ” لا تحرم عليه ”
وقال عبد الله بن الحسين : ” هو مثل وطء المرأة بزنا في تحريم الأم والبنت ” وقال : ” من حرم بهذا من النساء حرم من الرجال ” .

وروى إبراهيم بن إسحاق قال : سألت سفيان الثوري عن الرجل يلعب بالغلام أيتزوج أمه ؟ قال : لا . وقال : كان الحسن بن صالح يكره أن يتزوج الرجل بامرأة قد لعب بابنها، وقال الأوزاعي في غلامين يلوط أحدهما بالآخر فتولد للمفعول به جارية قال : ” لا يتزوجها الفاعل” .

وجاء في المغني لابن قدامة المقدسي:
اتفق الجميع على أن اللمس لا حكم له في الرجل في حكم تحريم الأم والبنت كان كذلك ما سواه من الوطء .
إنْ تلوط بغلام , فقال بعض أصحابنا : يتعلق به التحريم أيضا , فيحرم على اللائط أم الغلام وابنته , وعلى الغلام أم اللائط وابنته . قال : ونص عليه أحمد . وهو قول الأوزاعي ; لأنه وطء في الفرج , فنشر الحرمة , كوطء المرأة , ولأنها بنت من وطئه وأمه , فحرمتا عليه , كما لو كانت الموطوءة أنثى .

وقال أبو الخطاب : يكون ذلك كالمباشرة دون الفرج , يكون فيه روايتان .
والصحيح أن هذا لا ينشر الحرمة , فإن هؤلاء غير منصوص عليهن في التحريم , فيدخلن في عموم قوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } ولأنهن غير منصوص عليهن , ولا في معنى المنصوص عليه , فوجب أن لا يثبت حكم التحريم فيهن , فإن المنصوص عليهن في هذا حلائل الأبناء , ومن نكحهن الآباء وأمهات النساء وبناتهن , وليس هؤلاء منهن , ولا في معناهن ; لأن الوطء في المرأة يكون سببا للبعضية , ويوجب المهر , ويلحق به النسب , وتصير به المرأة فراشا , ويثبت أحكاما لا يثبتها اللواط , فلا يجوز إلحاقه بهن ; لعدم العلة , وانقطاع الشبه , ولذلك لو أرضع الرجل طفلا , لم يثبت به حكم التحريم , فهاهنا أولى . وإن قدر بينهما شبه من وجه ضعيف , فلا يجوز تخصيص عموم الكتاب به , واطراح النص بمثله .أهـ

وجاء في الإنصاف من كتب الحنابلة :
إن تلوط بغلام حرم على كل واحد منهما أم الآخر وبنته يعني : أنه يحرم باللواط ما يحرم بوطء المرأة . وهذا المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . قال في الهداية , والمستوعب : هذا قول أصحابنا وجزم به في الوجيز . وغيره. وعند أبي الخطاب : هو كالوطء دون الفرج يعني : كالمباشر دون الفرج على ما تقدم من الخلاف .
قال المصنف , والشارح : وهو الصحيح . قال في الفروع : اختاره جماعة . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في مسألة التلوط : أن الفاعل لا يتزوج بنت المفعول فيه ولا أمه . قال : وهو قياس جيد . قال : فأما تزوج المفعول فيه بأم الفاعل : ففيه نظر . ولم ينص عليه . قال ابن رزين في شرحه , وقيل : لا ينشر الحرمة ألبتة . وهو أشبه . انتهى .

الخلاصة :
أن الفقهاء اختلفوا فيما بينهم بين محرم ومبيح ، ورجحنا رأي الشافعية عند أمن الفتنة، وإلا فالفتيا على التحريم ويكون الزواج حينئذ محرما لغيره لا لذاته.