ليس حل المشاكل الزوجية بطرد الزوج زوجته إلى بيت أهلها، لأن ذلك نذير الخطر، وكثيرا ما يأتي الفراق وتنهدم بيوت بسبب ذلك.

ولا يجوز طرد الزوجة من بيت الزوجية إلا بعد اليأس من طرق الإصلاح كلها، ثم يحدث الطلاق وتقضي عدتها ولا يكون هناك أمل في الرجعة مرة أخرى.

وذلك لأن البعد يولد الجفاء ، والمطلوب في حالة المشاكل أن يتقارب الزوجان ويتفاهمان لحل أي مشكله.

والمطلوب في العلاقة الزوجية الستر وعدم ظهور المشاكل إلا إذا تعذر حلها ولم يمكن الإصلاح بين الزوجين فيكون تدخل الصالحين من أهل الحل والعقد للإصلاح .
كل هذا والزوجة في بيت زوجها لا تغادره، وهذا أولى من حالة وقوع الطلاق ـ لا قدر الله ـ حيث يجب على المطلقة قضاء العدة في بيت الزوجية ، وإذا كان الطلاق رجعيا يستحب لها التزين لزوجها ليكون أدعى للمراجعة .

والحل كما بين الله تعالى :(وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء : 34 وفي الحديث ( واضربوهن ضربا غير مبرح) أي لا يكسر ولا يجرح ، (ولا تضرب الوجه ولا تقبح ) أي لا تسب .

تقول الدكتورة سعاد صالح ، أستاذة ورئيس قسم الفقه بكلية الدارسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فرع البنات :
الأصل في تنظيم العلاقة بين الزوجين هو قول الله تعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء : 19.

ومن مقاصد الزواج السُّكْنى والمودة والرحمة، ولتحقيق هذه المقاصد يجب على كل من الزوجين عند حدوث خلاف عارض يصدر عن الآخر أن يعفو ويتجاوز هذا الخلاف، وخاصة الرجل الذي جعله الله سبحانه وتعالى قوَّامًا على أسرته؛ لرجاحة عقله، وقوة صبره .

فإذا أخطأت المرأة خطئًا متعمدًا، أو غير متعمد، فإنه لا يحق لزوجها أبدًا أن يخرجها من بيتها، لقول الله تعالى: “وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ  الطلاق : 1، فالإخراج من البيت لا يكون إلا بسبب قوي، وهو الزنا ونحوه، وإذا كانت المطلَّقة تجلس في بيتها أثناء العدة، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، أي أن يكون هناك مراجعة في حالة الطلاق، فمن باب أولى الزوجة غير المطلقة فليس لها أن تترك بيتها، أو أن يخرجها زوجها .

والزوج في هذه الحالة يكون آثمًا، ويجب عليه أن يستغفر ربه، ويُرجع زوجته إلى بيته . انتهى .

ويقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( ‏وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ‏ )، يقول : ذكر الحال الأول وهو إذا كان النفور والنشوز من الزوجة.

ثم ذكر الحال الثاني وهو إذا كان النفور من الزوجين فقال تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها” وقال الفقهاء إذا وقع الشقاق بين الزوجين أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة وثقة من قوم الرجل ليجتمعا فينظرا في أمرهما ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق واستحب الشارع التوفيق .

ولهذا قال تعالى: ( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الله عز وجل أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز ..(انتهى)