من الواجب على المسلم أن يضع كل شيء في نصابه ، بحيث لا يتعدى الأمر حده ، ولا يأخذ من لا حق له حق غيره، وإن كان الإسلام أمر الزوجة بطاعة الزوج ، ولكن هذه الطاعة مشروطة بألا تكون في معصية ، فإن أمر الزوج زوجته بمعصية ، فالواجب عليها مخالفته، والتشاغل عنه، والنصح له ، وهجره ، وإظهار رفضها لما يفعل ، فإن لم يجد معه شيء، أبلغت أهل الحكمة من أهله أو أهلها حتى يردوه عن غيه ، مع كثرة الدعاء له بالهداية من الله .

يقول الشيخ مازن عبدالكريم الفريح من علماء المملكة العربية السعودية :

هذا السؤال يتكرر كثيراً من بعض النساء وله صور كثيرة منها :
زوجي يأمرني أن أكشف حجابي أمام إخوانه فماذا أفعل ؟
زوجي اشترى (دش ) ويأمرني أن أجلس معه لرؤية الأفلام السافلة وسماع الأغاني الماجنة حتى إني أحياناً أصرف وجه ابنتي ( في الثالثة عشرة من عمرها ) عن بعض المناظر التي تخدش الحياء والتي تعرض عبر هذه القنوات . فهل أستمر في جلوس معه طاعة لزوجي ؟ !

لا شك أنه ترتب على جهل الكثيرات من النساء بحدود طاعة الزوج والوقوع في معصية الله وانتهاك حرماته وتجاوز حدوده ، ومع أهمية طاعة الزوج وعظم ذلك عند الله إلا أنها ليست طاعة مطلقة لا ضابط لها ولا قيد ؛ بل جعل الشارع لها حدوداً فقال عز وجل في بيعة النساء) وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) الممتحنة الاية :12 قال الإمام القرطبي رحمه الله ( إنما شرط المعروف في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون تنبيها على أن غيره أولى بذلك وألزم له )
وكذلك قال صلى الله عليه وسلم ( إنما الطاعة بالمعروف )
ولذا؛ فإن طاعة المرأة لزوجها في معصية الله منكر يجب أن تحذره .. وكم من إمرأة كانت تظن أن طاعتها لزوجها – ولو في معصية الله – تزيد حبه وتعلي عنده منزلتها فسايرته في منكراته وأطاعته في معصية الله فأتاها الله من حيث لا تحتسب وقذف في قلب زوجها البغض لها والنفور منها .
ولعلي أذكر تلك الرسالة التي تأثرت كثيراً وأنا اقرأ سطورها وأتأمل أحداثها وأرى تدبير الله عز وجل فيها .
يقول صاحب الرسالة :
كنت شابا أرتكب الكثير من المعاصي في داخل البلاد وخارجها ثم تزوجت بإمرأة صالحة بعد إلحاح شديد من والدي ، فقطعت على نفسي عهداً إما أطوعها على ما أريد وما أنا عليه وإما أن أسرحها بالمعروف ، وفي غضون سنوات قليلة استطعت أن أغير كيانها فقد لقيت استجابة منها حتى وصل الأمر أننا نسافر الى خارج البلاد وتخرج من حشمتها بطوعها واختيارها ونرتاد الملاهي والمسارح والمراقص دون أي وجل منها ثم دارت الأيام وأراد الله لي الهداية فعدت إلى رشدي ولزمت طاعة ربي ، وقد عادت هي الأخرى بعد عودتي .. ولكنني .. كرهتها وكرهت الارتباط بها حيث إنها لم تصرخ في وجهي في بداية الأمر معبرة عن رفضها لما أنا عليه ملتزمة لما كانت عليه . إنني غير مرتاح معها رغم أنني حزين لما حدث لها بسببي إلا أنني لا أستطيع العيش معها أبدا !!..
وإذا كانت هذه الرسالة قد تضمنت العديد من العبر ، وتركت في القلب عميق الأثر ، فإن العبرة التي ينبغي أن نؤكد عليها لكل امرأة مسلمة هي :
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
لذا فإنه لا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها أو غيره من المخلوقين في معصية الخالق عز وجل .
ليس هذا فحسب بل يجب عليها إنكار المنكر – بقدر استطاعتها – حتى لا تستمرأه وتعتاد عليه مع مرور الأيام .

وعليه فإني أرى موقف المرأة المسلمة من منكرات زوجها تلخص فيما يلي :

أولا :عدم طاعته إذا أمر بمعصية ، فإذا أمرها بالتبرج أمام الرجال الأجانب رفضت ولم تطعه ، وإذا أمرها بالجلوس لرؤية الأفلام الماجنة رفضت ، .. وهكذا .
وإن استطاعت أن تتعلل وأن تتشاغل عن الجلوس معه بشيء آخر فلها ذلك (وقد أشار بعض المشايخ بهذا ) لا سيما إذا خشيت على نفسها منه .
ثانيا :نصحه بالحكمة والموعظة الحسنة  لعل الله عز وجل أن يهديه (والدين النصيحة )

ثالثا : الهجر (في البيت ) كإظهار الامتعاض من صنيعه وعدم الرضا الذي يليق بمنكره ولا يترتب على ذلك منكر أكبر منه .

رابعاً : إن لم تفلح في محاولتها في ثنيه عن منكراته وإقلاعه عن معاصيه أخبرت أهل الحكمة من محارمها ليقوموا بدورهم في نصحه ودعوته .