لا يجوز نشر صور النساء المتبرجات بقصد التركيز عليهن، فيحرم نشر الصور الخليعة التي تثير الفتن، وكذلك الصور التي تقصد المتبرجات فقط، والغاية هنا لا تبرر الوسيلة، فالإسلام يشترط صحة الوسائل كما يشترط صحة المقاصد، أما نشر الصور دون التركيز على النساء المتبرجات فجائز بشرط ألا تثير الفتنة، والأولى عدم النشر للاحتياط وخروجا من قول المانعين.

أمَّا نشر الصلبان وغيرها من الرموز الدينية لأهل الملل الأخرى، فإن كان على سبيل الحكاية فلا بأس به؛ لأنَّ حاكي الكفر ليس بكافر.

وأمَّا إن كان بقصد الدعاية لها فهذا قطعا لا يجوز، وإن كان التنزه عن هذا أولى لأنَّ من الفقهاء من منع نشر الصلبان.

يقول الأستاذ الدكتور علي القرة داغي:

إنَّ نشر مثل هذه الصور التي تخص المرأة المتبرجة أو الصلبان أو الكهنة بزيهم الديني يتبع أحد الأمرين التاليين:
1 ـ إن كان المقصود به بيان الواقع للتعليق عليه، وليس لإقراره أو استحسانه أو تأييده فإنَّ هذا يدخل في باب الحكاية والنقل ما دامت هذه الصور لا تثير فتنة، وبالتالي فإن هذا الضابط في هذه الحالة يكفي، فمثلاً: وقعت واقعة في مدينة ما وصورت هذه الواقعة وفيها نساء متبرجات دون التركيز عليهن، وإنما لبيان نقل هذه الصورة فلا مانع منها بهذا الشرط الذي ذكرناه وهو عدم التركيز على هذه الصورة.
2- أما نقل الصور الخاصة للمتبرجات بقصد التركيز عليهن أو للإثارة أو لنحوها فهذا لا يجوز. أ.هـ

ويقول الدكتور طاهر مهدي البليلي ـ عضو المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:

إنَّ الضابط في نشر الصور ليس الهوى والمصلحة العاجلة، إنَّما الشرع الحنيف. وذلك كما يلي:
الأصل ألا ينشر للنساء صور، أما إذا كان ولا بد فعليه أن تكون تلك النساء محتشمة بحيث لا تثير غريزة بإبراز مفاتنها التي أمر الله أن تُستر، وليس هناك فرق كبير بين العري في الصورة وفي الواقع، فكلاهما يثير الفتنة والشهوة وهو غير جائز شرعا وخلقا، لقوله صلى الله عليه وسلم: “يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصح أن يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه” (الحديث وإن كان مرسلا فهو معمول به في هذا المجال أبو داوود اللباس 3580). هذا فيما يتعلق بالنساء العاديات.

أما النساء اللواتي اشتهرن بالعهر والفجور والفساد الأخلاقي فلا يجوز إطلاقا نشر صورهن حتى لا يدخل في إطار الدعاية الفاجرة لمن تلك مهنتها. وكل رزق جاء من وراء تلك الدعاية الفاجرة فهو حرام يشبه من أوجه كثيرة طلب الرزق بالدعاية للزنا والعياذ بالله.

وفي باب الرزق يجب تحري الحلال الطيب لقوله صلى الله عليه وسلم محذرا من يأكل الحرام: “‏‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال، ‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ ‏أيها الناس ‏ ‏إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” ‏ ‏وقال ‏ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم” ‏ثم ذكر الرجل يطيل السفر ‏ ‏أشعث ‏ ‏أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ” (مسلم زكاة 1686).

أما ما يتعلق بنشر العلامات الدينية قصدا للدعاية لهذه الأديان فلا يجوز بتاتا حتى لا يكون الناشر من الأئمة الذين يدعون إلى النار، ولأنه مسلم فكيف يسوغ له الدعاية لغير دينه والترويج لغير الإسلام!
وهل فرضت الحدود في الإسلام إلا للإشهار والدعوة العلنية إلى ما يعتبره باطلا أصلا؟ فأغلب من أقيم عليهم الحد في تاريخ الإسلام كان بسبب الدعاية لما يعتقده غير الإسلام والترويج له بين الناس.
أما فيما يخص رجال الدين عموما إذا كان نشر صورهم لأجل التعريف، والتحذير والتشهير ببعض الأفكار الهدامة التي يعلنونها فلا بأس على أن ترفق الصورة بما يشير إلى موضع الخطر.
وينطبق الحكم نفسه على الصور التي غايتها الدعوة إلى العنف، وامتداحه والحض عليه، ولو بطرق غير مباشرة لما في ذلك من الضرر على النشء.
أما في حال التشهير بمجرم والتحذير منه ولا يتسنى ذلك إلا عن طريق نشره في صورة عنيفة فلا بأس ويقدر الأمر بقدره.
أما الصور التي تظهر اعتداء المحتلين على المدنيين الأبرياء فيجب نشرها لإيصال الحقيقة إلى الناس، ولا يجوز الكتمان بدعوى عنف الصور فهذه مغالطة غربية تريد دفن الحقائق حتى لا تنتبه الشعوب، وكم من صورة حركت أمة بكاملها، وكم من صورة أوقفت حربا ضروسا وما حال فيتنام علينا ببعيد، وعندما دخل الإعلام العربي معركة الصور استطاع أن يكسر الحصار الغربي المضروب على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني والشعوب المستضعفة من انتهاكات. ولذلك يجب التفريق بين الأمور. أهـ

ويقول الدكتور عبد الرزاق الجاي – عضو المجلس العلمي بالرباط:
الحق أن الصورة تؤثر في الإنسان أكثر من الصورة الحقيقة؛ لأنها تنشط الخيال وتذهب به بعيدا، وللفقيه ابن باز رحمه الله فتوى تنصُّ على تحريم الصور الخليعة للمرأة أو لما يثير الغرائز.
أما عن صور الصلبان فنشرها مقيد بالهدف من نشرها، ومقيد بالضرورة، فإذا غابت الضرورة من ذلك، فلا حاجة في نشرها؛ لأن في ذلك دعاية لشركهم وكفرهم، والأولى تعويد الناس على النظر إلى الخير.
وقد أشار ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه “تلبيس إبليس“، وكذلك “حكم أهل الذمة في الإسلام” إلى أنه لا يجوز تقليدهم في زيهم حفاظا على تميز المسلم.
والأفضل للمواقع الإسلامية أن تتنزه عن كل شبهة، وحديث الباب واضح حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام”.. فالعبرة ليس بما يحدث للناشر من أمن من الفتنة، وإنما المستهدف هل هو محصن ضد هذه الفتنة أم غير محصن؟ والواقع أنَّ الغالب غير محصن.أهـ

ويقول الأستاذ الحاج محمد أصبان ـ عضو رابطة علماء المغرب ـ :

إنَّ ظهور الصور المتبرجة للنساء بمواقع الإنترنت أمر لا يقبله الإسلام، فالإسلام يرفض أن تظهر المرأة أيا كان شكلها ونوعها متبرجة أمام الملأ، صيانة لكرامتها أيا كانت هذه المرأة مسلمة أو غير مسلمة.. ولا نجد أحدا أجاز ذلك من علماء الإسلام.
وأما إظهار صور الصلبان والكهنة فإنه يجوز ذلك لأن القاعدة الفقهية تقول: “حاكي الكفر ليس كافرا”، لذلك فعرض صورهم لا يعني تقليدهم ومتابعتهم على ما هم عليه، سواء كان هذا الصليب المنشور بهذه المواقع شارة على يد الكاهن أو في عنقه.. أو كهنة بزيهم الرسمي الكنائسي.. وإنما هذه الصورة تدل على شخصية الرجل حديث الموضوع وأنه كاهن أو نصراني. أهـ

ويقول الشيخ باهشام بن سالم ـ عضو رابطة علماء المغرب ـ :

من متعلقات الحكم التكليفي الحرام، والحرام يقسم قسمين عند علماء الأصول: حرام لذاته  كالخبائث عموما، والتي قال الله عز وجل في حقها :”يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث” ، وحرام لغيره كالنظر إلى المحرمات من النساء بشهوة، وإلى الصور المثيرة للشهوات ، وفي شأن النظر قال سبحانه وتعالى :” {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ }النور30″ وقال في حق النساء:” {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ..}النور31 ”
فعرض الصور المثيرة للشهوات أو المخلة بتعاليم الإسلام كأن تكون متبرجة مظهرة لعورة المرأة لا يعتبر محرما لذاته، وإنما هو محرم لغيره ، والغير هنا هو الوقوع في الزنا. لهذا نلاحظ الحق سبحانه وتعالى في سورة النور ربط غض البصر بحفظ الفرج فهو مطيته . وليس هناك فرق بين الصورة التي تتعلق بامرأة مسلمة أو كافرة ما دام الأمر فيه إبداء الزينة وإثارة الشهوة ، لهذا  يستحسن ألا تنشر صور النساء تفاديا للوقوع في هذا النوع من الحرام .
أمَّا الصور الأخرى فلا بأس بها لانتفاء العلة .

وعلماء الأصول يقررون أنَّ العلة تدور مع الحكم وجودا وعدما ، وحتى إذا اقتضت الضرورة لنشر صورة امرأة من النساء فالأفضل اختيار صورة غير مثيرة؛ لأن الله عز وجل ستر المرأة كامرأة بغض النظر عن دينها وعقيدتها حتى أنه لم يسميها في القرآن الكريم، فامرأة العزيز اكتفى سبحانه وتعالى بقوله :” {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا }يوسف23″ ولم يذكر سبحانه وتعالى اسمها ، وفي شأن زوج أبي لهب قال سبحانه وتعالى :” {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ }المسد4″ ولم يقل أم جميل.
وفي شأن زوج سيدنا لوط عليه السلام قال سبحانه وتعالى:” َاِمْرَأَةَ لُوطٍ” ولم يذكر اسمها .. فإذا كان الأمر في الستر يتعلق بالاسم فنشر الصورة من باب أولى وأحرى، وهذا يسمى عند علماء الأصول بفحوى الخطاب، وهو عندما يكون المسكوت عنه أولى بالحكم المذكور الذي ثبت له الحكم.
أما نشر صورة المحجبة فلا بأس به ويبقى الأمر متعلق بالناظر إليها وهنا تتجلى الحكمة في أمر الله في غظ البصر بالنسبة للرجال.

ويقول الأستاذ الدكتور صالح بن زابن المرزوقي الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي:

لا يجوز في أي حال من الأحوال نشر صور النساء على الإنترنت حتى لو لم تكن المرأة متبرجة لا في الإنترنت ولا في الصحافة ولا في التلفزيون ولا في أي مكان.
وكذلك لا يجوز نشر صور الصلبان والكهنة لأنها تمجيد للكفرة وهذا لا ينبغي.

ويقول الدكتور فهد بن سعد الجهني أستاذ الفقه وعميد شؤون الطلاب بجامعة الطائف:
ينبغي على المتحدث في مثل هذه المسائل أن يكون من أهل العلم والدراية بالقواعد الشرعية والمقاصد الكلية حتى لا يزل بكلامه أقوام كثيرون.
ومن قواعد أهل العلم أن “الغاية لا تبرر الوسيلة” وأن المقصد إذا كان مشروعاً فلا بد أن تكون الوسيلة مشروعة أيضاًَ.
فنشر صور النساء وهن متبرجات فيما يراه من يحتاج لهذا الأمر هو وسيلة لتحقيق مقصود يراه مشروعاً إلا أن الوسيلة في ذاتها محرمة كما دلَّت على ذلك النصوص الشرعية.
ولا ينبغي لأهل الخير أن يطلبوا صلاح الأمة ونفع الآخرين بما حرم الله سبحانه وتعالى ويجب أن يتورعوا عن هذه المحرمات أو الشبهات، فإن الخير كل الخير بالتمسك بما دلت عليه النصوص الشرعية والرجوع إلى قواعد أهل العلم التي تؤصل كثيراً من أمثال هذه المسائل.أهـ

ويقول الدكتور حسن بن محمد سفر أستاذ نظم الحكم الإسلامي والقضاء والمرافعات الشرعية المشارك بجامعة الملك عبد العزيز والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة:

الأصل بناء الحكم على الدافع من الشيء فإذا كان من الضرورة وضع صورة المرأة فتكون وفق ضوابط شرعية مثل الحشمة والأدب والتحجب.
لكن إذا لم يكن هناك داعي لإبراز الصورة فيكتفى بإبراز المسمى مثلاً أو العنوان.. وليس من الضرورة وضع صورة المرأة.
كما يمكن أن تبرز صورة الصلبان والكهنة والمستحدثة منها والتي لا تشير إلى اعتقادات في محافلهم في وسائل إعلامهم فقط.

ويقول الدكتور ماهر السوسي ـ الأستاذ المساعد في الشريعة بالجامعة الإسلامية بغزة ـ فلسطين:
لا أرى ضرورة لنشر صور النساء؛ لأنه لا يوجد حاجة لهذا الأمر، وإن كانت هناك حاجة داعية لنشر صورة امرأة فالضرورة هنا تقدر بقدر؛ لأن موضوع الفتنة يختلف من شخص لآخر من لا تفتنه امرأة معينة فتنته أخرى؛ وبالتالي لا تنشر هذه الصورة إلا إذا كان هناك داعٍ إلى نشرها أما بدون داعٍ فالأصل عدم النشر للاحتياط وخروجا من قول المانعين.
أمَّا بالنسبة للصلبان والكهان… إلخ إذا كان النشر بقصد التعريف أو الدلالة على شيء معين فلا مانع. أهـ

ويقول د. حسين أبو عجوة ـ رئيس لجنة الإفتاء بجامعة الأقصى بغزة.:

من الناحية الشرعية لا يجوز نشر صور نساء بشعورهن، وإن كان نشر صورة لامرأة بالحجاب، ومن غير أن توضح معالمها كاملة ـ بمعنى أن تكون من بعد وليس بالضرورة أن تكون معالم وجهها بارزة ـ  فلا حرج في ذلك.
أما إظهار معالم الصلبان والصور التي تثير العنف فهذا غير جائز؛ لأنَّ المصلحة العامة مقدمة فلا ضرر ولا ضرار، فهذه قواعد شرعية عامة في هذا الموضوع.