الزواج من أهل الكتاب مباح شرعًا بشروط ،ومع كون الزواج مباحًا ،لكنه مكروه ،وخاصة في البلاد الغربية ،خشية تأثر المسلم بزوجته ،ولكن لانستطيع التحريم ،ولو ادعى البعض أن أهل الكتاب اليوم غير أهل الكتاب قديمًا.

ويباح الزواج من المسيحية خاصة ،وقد منع كثير من الفقهاء المعاصرين الزواج من اليهودية الإسرائيلية خاصة .

وفي شروط النكاح من أهل الكتاب يقول الدكتور يوسف القرضاوي:
يجوز الزواج من الكتابية بشروط :

أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين.
الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات.

وأما غير الكتابيات فلا يجوز الزواج منهن لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) أي الوثنيات وأولى منهن بالمنع الملحدات اللاتي لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بالآخرة.انتهى

ويقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الازهر رحمه الله:
يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في الآية الخامسة من سورة المائدة: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ، وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ، وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي اْلآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الآية:5).

ويُستفاد من هذه الآية أنه يُباح للمسلم الزواج من نساء أهل الكتاب ما دامت المرأة صالحة لذلك. وحكمة إباحة الزواج للمسلم من الكتابية غير المسلمة هي إتاحة الفرص لحسن المخالطة والمعاشرة، ومن وراء ذلك يمكن لغير المسلمة أن تطلع بإرادتها واختيارها على ما في الإسلام من تعاليمَ كريمةٍ ومبادئَ سليمةٍ.

ومع أن زواج المسلم من المرأة الكتابية.. مُباح وحلال؛ فإن هذا الزواج مكروه، لأن اختلاف الدِّينِ يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخلاف والجدال والشقاق، وقد تؤثر الزوجة الكتابية في زوجها بجمالها أو احتيالها، فيترك دينه، ويدخل في دينها مرتدًّا والعياذ بالله، أو يهادن أهل دينها، وفي ذلك من الضرر ما فيه، وكذلك قد تؤثر الزوجة غير المسلمة في أولادها، فَيَميلون إلى دينها، وذلك شرٌّ مستطير.

ويجب أن نفرق هنا بين الكتابية والمشركة، فالكتابية مَن لها دين سماوي نزل في أصله من عند الله ـ عز وجل ـ وإن حدث فيه تحريف منهم بعد ذلك، وأما المشركة فهي التي لادين لها، ولذلك فرق القرآن الكريم بين أهل الكتاب والمشركين، فقال في أول سورة البينةلَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)0 فقد عطف المشركين على أهل الكتاب، فكأنهما صِنفانِ لا صنف واحد، لأن ظاهر العطف بالواو بين أهل الكتاب والمشركين يقتضي المغايرة، فهؤلاء غير أولئك.

ولذلك قال بعض العلماء في الإفتاء: “ذهب بعض السلف إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بغير المسلمة مطلقًا، ولكن الجمهور من السلف والخلف على حِلِّ الزواج بالكتابية، وحُرْمَةِ الزواج بالمشركة… وأحل بعضهم المجوسية أيضًا، ويريدون بالمشركة الوثنية مطلقًا، بل عَدُّوا جميع الناس وَثَنِيِّينَ ما عدا اليهود والنصارى، ومن الناس من قال إنهم من المشركين، ولكن التحقيق أنهم لا يطلق عليهم لقب المشركين، لأن القرآن عندما يذكر أهل الأديان يَعُدُّ المشركين أو الذين أشركوا صنفًا، وأهل الكتاب صنفًا آخر، يعطف أحدهما على الآخر، والعطف يقتضي المغايرة كما هو مقرر”.

وليس هناك فرق في هذا الحكم بين أهل الكتاب في الزمن القديم، وأهل الكتاب في الزمن الحديث، فالكل أبناء دين واحد، فليس هناك مانع شرعي يلزم المسلم بعدم الزواج من نساء أهل الكتاب الآن، ولكن ينبغي للمسلمين أن لا يسيئوا استغلال هذا الحكم، فيقبلوا على التزوج من نساء أهل الكتاب، فيصبحوا بذلك عُرضة للتأثر بأحوالهم وعاداتهم وتقاليدهم وشعائرهم ومعتقداتهم، وخاصة في البلاد التي يكون فيها المسلمون أقلية.

ولا يليق بالمسلمين أن يتجهوا إلى الزواج من نساء أهل الكتاب ويتركوا بنات المسلمين، وإذا تعوَّدَ المسلمون التزوج من نساء أهل الكتاب، فماذا يكون المصير لبنات المسلمين؟ أيبقينَ بلا زواج ولا رهبانية في الإسلام؟ أم يقترفْنَ الفاحشة وهذا أمرٌ حرام؟ أم يتزوجن من غير المسلمين وهذا أمر لا يبيحه الإسلام بحالٍ من الأحوال؟ فليتذكر المسلمون ذلك جيدًا والله الهادي إلى سواء السبيل.