تكريم الإسلام للمرأة:

لا يوجد دين كرم المرأة وأنصفها مثل الإسلام. لقد كرمها باعتبارها إنسانًا، وكرمها باعتبارها ابنة، وكرمها باعتبارها زوجة، وكرمها باعتبارها أما، وكرمها باعتبارها أختا، وكرمها باعتبارها عضوا في المجتمع.
وأنكر على الجاهلية التي أهانتها إلى حد أن وأدتها بنتًا، وورثتها زوجة كما يورث المتاع والدواب .

أما ضرب الزوجة أو شتمها أمام أطفالها فهو أمر لا يليق بمسلم يعرف أوليات دينه، ويعلم أنه راع ومسئول عن رعيته، وهو خطأ ديني وخلقي وتربوي لا ينتج إلا الضرر على الفرد والأسرة والمجتمع.

بناء الحياة الزوجية على دعائم راسخة:

يقول فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي: والمتدبر للقرآن الكريم يجد أنه أقام الحياة الزوجية على دعائم راسخة من السكون والمودة والرحمة، وهي التي دل عليها قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). (الروم: 21) .

كما عبر القرآن الكريم عن نوع العلاقة بين الزوجين بقوله سبحانه:(هُنَّ لِبَاسٌلَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) (البقرة: 187).بكل ما تحمله كلمة ” لباس ” وتوحي به من معاني الستر والوقاية والدفء والزينة التي يوفرها كل منهما لصاحبه .
إن حاجة كل من الرجل والمرأة إلى الآخر حاجة فطرية.  فقد خلقهما الله بحيث لا يستغني أحدهما عن الآخر، تبعًا لسنة الله الكونية العامة القائمة على ازدواج المخلوقات كلها ابتداء من الذرة إلى المجرة: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (الذاريات: 49). من أجل هذا حين خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه، وأسكنه جنته، لم يدعه وحده، بل خلق له من جنسه زوجًا تؤنس وحشته، ويستكمل بها وجوده، وتوجه إليهما الخطاب الإلهي معا: (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ..). (البقرة: 35) .

وفكرة الإسلام كما يوضحها القرآن أن المرأة ليست خصمًا للرجل ولا منافسًا له، وكذلك الرجل بالنسبة للمرأة، بل كل منهما مكمل للآخر لا تتم حياته إلا به .
وهذا معنى قول القرآن: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ). (آل عمران195) .
ومعنى: (بعضكم من بعض) أن المرأة من الرجل والرجل من المرأة، فلا خصومة ولا تناقض بينهما، بل تكامل وتناسق وتعاون .

لا يقبل الإسلام إهانة الزوجة :

ومن هنا لا يقبل الإسلام أن تقوم الحياة الزوجية على إهانة المرأة، أو الإساءة إليها بقول أو فعل، فلا يجوز بحال أن تسب أو تشتم وخصوصًا أمام أطفالها، بل إن الإسلام يمنع سب الحيوانات والجمادات، فكيف بالإنسان؟ وكيف بالزوجة التي هي ربة بيته، وشريكة حياته، وأم أولاده، وأقرب الناس إليه؟ .

لقد شدد الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم– على امرأة لعنت ناقتها فأمر أن تترك الناقة ولا يستخدمها أحد، وحرمت منها صاحبتها، ردعًا لها على سبها ولعنها للناقة، فكيف بلعن الإنسان المسلم وسبه؟ !.

رخصة ضرب الزوجة وحدودها :

وأشد من ذلك الضرب: فلا يجوز ضرب المرأة بحال، إلا في حالة أوجبتها الضرورة وهي ” حالة النشوز ” والتمرد على الرجل. وعصيان أمره فيما هو من حقوق الزوجية وإشعاره بالتعالي عليه وهي ضرورة تقدر بقدرها .

وهو تأديب مؤقت رخص فيه القرآن بصفة استثنائية عندما تخفق الوسائل الأخرى من الوعظ والهجر في المضجع كما قال تعالى:(وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء 34) .

وفي آخر الآية وعيد للرجال الذين يتطاولون على نسائهم المطيعات، فالله تعالى أعلى منهم وأكبر .
ورغم هذه الرخصة للضرورة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:” ولن يضرب خياركم “
فخيار الناس لا يضربون نساءهم، بل يعاملونهن باللطف والرقة وحسن الخلق. وخير مثال لذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال:” خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي “
وقد عرف من سيرته الثابتة -صلى الله عليه وسلم-: أنه لم يضرب امرأة قط، بل لم يضرب خادمًا ولا دابة في حياته !.
وقد استشنع عليه الصلاة والسلام من الرجل أن يضرب امرأته، إذ كيف يضربها أول النهار ويضاجعها آخره؟ !.

وإذا أفلت زمام الرجل مرة، فامتدت يده إلى امرأته في ساعة غضب، فالواجب أن يبادر إلى مصالحتها وإرضائها.. فهذا من مكارم الأخلاق التي يجب أن تسود الأسرة المسلمة .
أما ضرب الزوجة أو شتمها أمام أطفالها فهو أمر لا يليق بمسلم يعرف أوليات دينه، ويعلم أنه راع ومسئول عن رعيته، وهو خطأ ديني وخلقي وتربوي لا ينتج إلا الضرر على الفرد والأسرة والمجتمع .
لقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-:” لن يضرب خياركم ” ومفهومه أن الذين يضربون نساءهم هم الأشرار والأراذل من الناس، ومن ذا يقبل أن يكون منهم؟