منع جمهور الفقهاء ( المالكية والحنفية والحنبلية) صلاة المفترض خلف المتنفل ، كما منعوا صلاة المفترض خلف من يصلي فرضا آخر ، وذهب الشافعية وغيرهم إلى جواز ذلك كله وهو الراجح، فلا مانع من صلاة الفريضة خلف النافلة كالعشاء خلف التراويح فإذا سلم الإمام قام المأموم ليقضي الركعتين الباقيتين منفردا وهذا هو الأفضل ، فإن تبع الإمام في الركعتين التاليتين فلا مانع .

واستند الإمام الشافعي إلى ما رواه البخاري ومسلم{ كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤمنا ، وقال مرة ثم يرجع فيصلي بقومه ، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة قال مرة : الصلاة وقال مرة : العشاء ، فصلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء يؤم قومه فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى فقيل : نافقت يا فلان ؟ قال ما نافقت ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن معاذا يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يا رسول الله وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا وإنه جاء يؤمنا فقرأ سورة البقرة فقال يا معاذ ، أفتان أنت ؟ أفتان أنت ؟ اقرأ بكذا ، وكذا ، قال أبو الزبير بسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى فذكرنا لعمرو فقال أراه فذكره }

قال العراقي في طرح التثريب معلقا على هذا الحديث :-

في هذا الحديث حجة للشافعي وأحمد أنه تصح صلاة المفترض خلف المتنفل كما تصح صلاة المتنفل خلف المفترض ; لأن معاذا كان قد سقط فرضه بصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته بقومه نافلة وهم مفترضون وقد ورد التصريح بذلك في رواية الشافعي والبيهقي { هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء } قال الشافعي في الأم : وهذه الزيادة صحيحة ، وكذا في مسند الشافعي وصححها البيهقي أيضا وغيره وخالف في ذلك ربيعة ومالك وأبو حنيفة فقالوا : لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل لقوله صلى الله عليه وسلم { إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه } .

وأجاب عنه القائلون بالصحة : بأن المراد الاختلاف في الأفعال الظاهرة لا في النيات فإن ذلك لا يختلف به ترتيب الصلاة وأيضا إن النبي صلى الله عليه وسلم بين مراد الحديث بقوله في بقيته { فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون } .

فهذا المراد بقوله { لا تختلفوا عليه } ومع هذا فقد نسخ بعض وجوه المخالفة المذكورة في هذا الحديث { بصلاته صلى الله عليه وسلم في مرض موته جالسا والناس وراءه قيام } انتهى .

ويقول الإمام النووي في المجموع في الفقه الشافعي:-

ولو صلى العشاء خلف التراويح جاز ، فإذا سلم الإمام قام إلى ركعتيه الباقيتين ، والأولى أن يتمها منفردا ، فلو قام الإمام إلى أخريين من التراويح فنوى الاقتداء به ثانيا في ركعتيه ففي جوازه القولان فيمن أحرم منفردا ثم نوى الاقتداء و الأصح : الصحة .