في حالة الجمع سواء أكان في السفر أو غيره يرى كثير من الفقهاء أن من شروط الجمع بين الصلاتين عدم الفصل بينهما ولو بصلاة السنة خاصة إذا كان الجمع في وقت الصلاة الأولى، بينما يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن ذلك ليس شرطا . وتبقى سنن العشاء فتصلى بغير خلاف لأنها آخر المجموعتين .

قال ابن قدامة في المغني مبينا حكم الفصل بين الصلاتين المجموعتين بالسنن وغيرها :-

فإن جمع في وقت الأولى اعتبرت المواصلة بينهما , وهو أن لا يفرق بينهما إلا تفريقا يسيرا . فإن أطال الفصل بينهما بطل الجمع . لأن معنى الجمع المتابعة أو المقارنة , ولم تكن المتابعة فلم يبق إلا المقارنة , فإن فرق بينهما تفريقا كثيرا , بطل الجمع , سواء فرق بينهما لنوم أو سهو أو شغل أو قصد أو غير ذلك , لأن الشرط لا يثبت المشروط بدونه , وإن كان يسيرا لم يمنع , لأنه لا يمكن التحرز منه , والمرجع في اليسير والكثير إلى العرف والعادة , لا حد له سوى ذلك , وقدره بعض أصحابنا بقدر الإقامة والوضوء . والصحيح : أنه لا حد له , لأن ما لم يرد الشرع بتقديره لا سبيل إلى تقديره , والمرجع فيه إلى العرف , كالإحراز والقبض , ومتى احتاج إلى الوضوء والتيمم , فعله إذا لم يطل الفصل , وإن تكلم بكلام يسير , لم يبطل الجمع , وإن صلى بينهما السنة , بطل الجمع , لأنه فرق بينهما بصلاة فبطل الجمع , كما لو صلى بينهما غيرها .

وعنه : لا يبطل ; لأنه تفريق يسير , أشبه ما لو توضأ . وإن جمع في وقت الثانية , جاز التفريق ; لأنه متى صلى الأولى فالثانية في وقتها , لا تخرج بتأخيرها عن كونها مؤداة . وفيه وجه آخر , أن المتابعة مشترطة ; لأن الجمع حقيقته ضم الشيء إلى الشيء , ولا يحصل مع التفريق . والأول أصح ; لأن الأولى بعد وقوعها صحيحة لا تبطل بشيء يوجد بعدها , والثانية لا تقع إلا في وقتها .

وجاء في كتاب الإنصاف في الفقه الحنبلي :-

الصحيح من مذهب الحنابلة وعليه جماهير الأصحاب , وقطع به أكثرهم أنه تشترط الموالاة في الجمع في وقت الأولى . واختار الشيخ تقي الدين ابن تيمية عدم اشتراط الموالاة . وأخذه من رواية أبي طالب , والمروذي ” للمسافر أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق ” وعلله الإمام أحمد بأنه يجوز له الجمع . وأخذه أيضا : من نصه في جمع المطر إذا صلى إحداهما في بيته , والصلاة الأخرى في المسجد , فلا بأس .

وجاء في الموسوعة الفقهية :-

الموالاة بين الصلاتين وهي أن لا يفصل بينهما زمن طويل , أما الفصل اليسير فلا يضر ; لأن من العسير التحرز منه . فإن أطال الفصل بينهما بطل الجمع سواء أفرق بينهما لنوم , أم سهو , أم شغل , أم غير ذلك . والمرجع في الفصل اليسير والطويل العرف كما هو الشأن في الأمور التي لا ضابط لها في الشرع أو في اللغة كالحرز والقبض وغيرهما . وقدر بعض الحنابلة والشافعية الفصل اليسير بقدر الإقامة , وزاد الحنابلة وقدر الوضوء . انتهى .

وجاء في في شروط الجمع بين الصلاتين في شرح الغرر البهية من كتب الحنابلة :-

ومن شروط الجمع الموالاة بين المجموعتين ؛ لأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة , فوجب الولاء كركعات الصلاة ; ولأنه صلى الله عليه وسلم { لما جمع بين الصلاتين بنمرة والى بينهما وترك الرواتب وأقام الصلاة بينهما . } رواه الشيخان ولولا اشتراط الولاء لما ترك الرواتب , وقد يمنع بأنه تركها لكونه سنة لا شرطا .

وجاء في حاشية شرح الغرر البهية :-

قد يجاب عن هذا المنع بأن الأصل منع إخراج الصلاة عن وقتها وفعلها في غيره فحيث ورد , اقتصر على الوجه الذي ورد عليه ; لأن ما عداه على الأصل .

وقال الشيخ الدسوقي من أعلام المالكية مبينا حكم الفصل بين المجموعتين بالنوافل :-

الواقع في النفل يمنع الفصل بين الصلاتين المجموعتين بالنفل وكذا بالكلام وقد استظهر شيخنا العدوي أن المراد بالمنع الكراهة في الفصل بكل من النفل والكلام إذ لا وجه للحرمة .