صلاة الجنازة أربع تكبيرات، يرفع يديه فيها، وقيل :في التكبيرة الأولى، ويقرأ بعد التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب، وبعد الثانية الصلاة الإبراهيمية ،وبعد الثالثة يدعو للميت ،وبعد الرابعة يدعو له وللمسلمين جميعًا، والمختار أن تكون صلاة الجنازة أربع تكبيرات ،وقيل :لا تقل عن ثلاث،أو أربع ،ولا تزيد على سبع تكبيرات ،وكل وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ويدعو بعدها للميت ،ويقف الرجال ثم الصبيان ،ويجوز وقوف الصبيان مع الرجال، وتقف النساء وحدهن ،ومن السنة أن يقف الإمام عند وسط المرأة ، وقيل:هذا كان قبل اتخاذ النعش ،أما بعد اتخاذ النعش فإن المرأة مستورة ،فله أن يقف مكان ما يشاء .

يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير:

صلاة الجنازة أربع تكبيرات يرفع يدَيه فيها جميعًا. واختار الثوريّ وأبو حنيفة الرفع في التكبيرة الأولى فقط. ويقرأ المصلّي الفاتحة عقب التكبيرة الأولى ويصلّي على النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقب الثانية، ويدعو للميت عقب الثالثة، ويقول في الرابعة: اللهم لا تَحرمنا أجره ولا تَفتِنَّا بعده واغفر لنا وله. ثم يسلم تسليمة واحدة عند جمهور العلماء، وتسليمتين عند الثوريّ وأبي حنيفة والشافعيّ وجماعة من السلف.

والاقتصار على أربع تكبيرات هو الذي عليه أكثر أهل العلم.

وقد اختلف السلف في عدد تكبيرات صلاة الجنازة، ونقَل الإمام ابن حجر في ذلك ما يلي:

روى مسلم عن زيد بن أرقم أنه يكبّر خمسًا، ورفَع ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم. وروى ابن المنذر عن ابن مسعود أنه صلّى على جنازة رجل من بني أسد فكبّر خمسًا. وروى ابن المنذر وغيره عن عليّ أنه كان يكبّر على أهل بدر ستًّا وعلى الصحابة خمسًا وعلى سائر الناس أربعًا. وروى أيضًا بإسناد صحيح عن أبي معبد قال: صلّيت خلف ابن عباس على جنازة فكبّر ثلاثًا. وذهب بكر بن عبد الله المُزَنيّ إلى أنه لا ينقُص من ثلاث ولا يزاد على سبع. وقال أحمد مثله، لكن قال: لا ينقُص من أربع. وروى البيهقيّ بإسناد حسن إلى أبي وائل قال: كانوا يكبّرون على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سبعًا وستًّا وخمسًا وأربعًا، فجمع عمر الناس على أربع كأطول الصلاة (فتح الباري 3/ 202).

ومن الدعاء الذي يقال للميت عند الصلاة ما جاء في صحيح مسلم بسنده عن عوف بن مالك قال: صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: “اللهم اغفرْ له وارحَمْه، وعافِهِ واعفُ عنه، وأكرِمْ نُزُله ووسِّعْ مُدخَله، واغسِلْه بالماء والثلج والبَرَد، ونقِّه من الخطايا كما نقَّيت (وفي رواية: كما ينقَّى) الثوب الأبيض من الدنَس، وأبدِلْه دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا غير من زوجه، وأدخله الجنة وأَعِذْه من عذاب القبر أو من عذاب النار” قال عوف بن مالك: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت.

ويلاحظ أن الضمائر يراعَى فيها حال الميت ذكرًا كان أو أنثى (وإن قصَد الشخصَ الميتَ فيمكن استخدام الدعاء للذكر والأنثى بضمير المذكر، وإن قصَد الجنازةَ جاز له تأنيث الضمائر كلها) مفردًا أو جمعًا. ولا يقال في المرأة “زوجًا خيرًا من زوجه” لأن المرأة لا يجوز لها تعدد الأزواج. وعند الصلاة على الطفل يكون الدعاء للوالدَين بالأجر والمثوبة والعافية والرحمة. وفي صحيح البخاريّ: قال الحسن: يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول: اللهم اجعَلْه لنا فَرَطًا (أي سابقًا إلى الحوض شافعًا لوالدَيه) وسَلَفًا وأجرًا.

ويجوز للنساء والصبيان أداء صلاة الجنازة، ويمكن للصبية أن يقفوا مع الرجال في صفوفهم أما النساء فيَكُنَّ خلف الرجال. وفي صحيح البخاريّ باب بعنوان: صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز، ويقف الإمام عند وسط المرأة ورأس الرجل للاتباع في ذلك.

وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب قال: صليت وراء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصلاة وسطها.

ويرى بعض العلماء أن ذلك كان قبل اتخاذ النعش للنساء لسترهنَّ، أما بعد اتخاذه فقد حصل الستر فلا فرق بين الرجل والمرأة ويقف الإمام حيث شاء.

واختلف العلماء في الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة، ونقل الإمام ابن حجر أن جماعة من أهل العلم قالوا: إن إمام الحيّ أحق. وقال آخرون: الوالي أحق من الوليّ. وقال الشافعيّ: الوليّ أحق من الوالي (فتح الباري 3/191).

ومن السنة أن يقف الناس صفوفًا خلف الجنازة حتى ولو كانوا قليلًا، وفي صحيح البخاريّ بسنده عن جابر بن عبد الله أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى على النجاشيّ فكنت في الصف الثاني أو الثالث. وفي رواية: فصَفَفنَا وصلّى النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليه ونحن صفوف.