يقول الشيخ السيد سابق في مناقشة الشروط التي اشترطها الفقهاء:

تقدم الكلام على أن شروط وجوب الجمعة: الذكورة والحرية والصحة والإقامة وعدم العذر الموجب للتخلف عنها كما تقدم أن الجماعة شرط لصحتها. هذا هو القدر الذي جاءت به السنة والذي كلفنا الله به. وأما ما وراء ذلك من الشروط التي اشترطها بعض الفقهاء فليس له أصل يرجع إليه ولا مستند يعول عليه.

ونكتفي هنا بنقل ما قاله صاحب الروضة الندية قال: “هي كسائر الصلوات لا تخالفها لكونه لم يأت ما يدل على أنها تخالفها. وفي هذا الكلام إشارة إلى رد ما قيل من أن يشترط في وجوبها الإمام الأعظم والمصر الجامع والعدد المخصص، فإن هذه الشروط لم يدل عليها دليل يفيد استحبابها فضلاً عن وجوبها فضلاً عن كونها شروطاً ،بل إذا صلى رجلان الجمعة في مكان لم يكن فيه غيرهما جماعة فقد فعلا ما يجب عليهما، فإن خطب أحدهما فقد عمل بالسنة، وإن تركا الخطبة فهي سنة فقط. ولولا حديث طارق بن شهاب المقيد للوجوب على كل مسلم بكونه في جماعة ومن عدم إقامتها في زمنه صلى الله عليه وسلم في غير جماعة لكان فعلها فرادى مجزئاً كغيرها من الصلوات. وأما ما يروى “من أربعة إلى الولاة” فهذا قد صرح أئمة الشأن بأنه ليس من كلام النبوة ولا من كلام من كان في عصرها من الصحابة حتى يحتاج إلى بيان معناه أو تأويله، وإنما هو من كلام حسن البصري.

ومن تأمل فيما وقع في هذه العبادة الفاضلة – التي افترضها الله عليهم في الأسبوع وجعلها شعاراً من شعائر الإسلام وهي صلاة الجمعة – من الأقوال الساقطة والمذاهب الزائفة والاجتهادات الداحضة قضى من ذلك العجب. فقائل يقول الخطبة كركعتين ، وإن من فاتته لم تصح جمعته وكأنه لم يبلغه ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق متعددة يقوى بعضها بعضاً، ويشد بعضها عضد بعض: “أن من فاتته ركعة من ركعتي الجمعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته” ولا بلغة غيره هذا الحديث من الأدلة. وقائل يقول: لا تنعقد الجمعة إلا بثلاثة مع الإمام، وقائل يقول بأربعة، وقائل يقول بسبعة، وقائل يقول بتسعة وقائل يقول باثنى عشر، وقائل يقول بعشرين، وقائل يقول بثلاثين وقائل يقول لا تنعقد إلا بأربعين، وقائل يقول بخمسين، وقائل يقول لا تنعقد إلا بسبعين، وقائل يقول فيما بين ذلك، وقائل يقول بجمع كثير من غير تقييد، وقائل يقول إن الجمعة لا تصح إلا في مصر جامع، وحده بعضهم بأن يكون الساكنون فيه كذا وكذا من الآلاف، وآخر قال أن يكون فيه جامع وحمام، وآخر قال أن يكون فيه كذا وكذا وآخر قال إنها لا تجب إلا مع الإمام الأعظم فإن لم يوجد أو كان مختل العدالة بوجه من الوجوه لم تجب الجمعة ولم تشرع. ونحو هذه الأقوال التي ليس عليها إثارة من علم ولا يوجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.انتهى كلام الشيخ السيدسابق

وعليه فإن كان المسجد الجديد أوسع ويسع كل المصلين،فالأفضل أن يصلى في المسجد االجامع وأن يقتصر في الزاوية على الصلوات فقط دون الجمعة ،إلا إذا ضاق المسجدولم يسع المصلين فيجوز الصلاة في الزاوية وهذا هو رأي الجمهور.