من شروط اقتداء الجماعة بالإمام أن يكون المأمومون على علم بحال إمامهم سواء عن طريق السماع أو الرؤية أو عن طريق مكبر أو مبلغ حتى يمكن أن تتم المتابعة والاقتداء.
يقول الشيخ عطية صقر – من كبار علماء الأزهر:-
السنة أن يكون المأمومون مع الإمام في طابق واحد لسهولة متابعته بالنظر أو السماع ، وإن كان الصوت يصلهم عن طريق المبلغ أو مكبرات الصوت . روى الدارقطنى عن أبي مسعود الأنصاري أن الرسول ﷺ نهى أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه . يعني أسفل منه . وروى أبو داود والشافعي والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن -مدينة كانت بالعراق- على دكان -مكان مرتفع- فأخذه أبو مسعود بقميصه فجبذه -أخذه بشدة- فلما فرغ من صلاته قال ، ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال : بلى ، فذكرت حين جذبتني .
قال العلماء : إن كان في علو الإِمام عن المأمومين فائدة فلا كراهة ، فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي أنه رأى النبي ﷺ جلس على المنبر أول يوم وضع ، فكبَّر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقَرَى -إلى الخلف- وسجد في أصل المنبر، ثم عاد . فلما فرغ أقبل على الناس فقال ” أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتب” .
هذا في ارتفاع الإِمام أنه مكروه إلا لحاجة، أما ارتفاع المأموم على الإمام فهو جائز، فقد صلى أبو هريرة على ظهر المسجد بصلاة الإِمام كما رواه الشافعي والبيهقي وسعيد بن منصور، وذكره البخاري تعليقا، وروى سعيد بن منصور أن أنس بن مالك كان يجمع في دار أبي نافع عن يمين المسجد في غرفة قدر قامة منها، لها باب مشرف على مسجد بالبصرة ، فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام ، وسكت عليه الصحابة .
يقول الشوكاني ” نيل الأوطار ج 3 ص 207 ” : وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلثمائة ذراع ، على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإِمام فهو ممنوع بالإِجماع من غير فرق بين المسجد وغيره ، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع ، ويعضد هذا الأصل فعل أبي هريرة المذكور ولم ينكر عليه انتهى .
يؤخذ من هذا أن المدار في الجواز وعدمه هو علم المأموم بأفعال الإِمام ، فلو حصل العلم بأية وسيلة ومنها مكبرات الصوت الآن صحت الجماعة في أي طابق من الطوابق ، أو في أي مكان ما دامت الصفوف متواصلة في المسجد وخارج المسجد، وعليه فلا مانع من صلاة الجماعة في أي طابق من طوابق المسجد عند العلم بأفعال الإِمام .
وجاء في شرح النووي لصحيح مسلم “ج 5ص 34” عند الكلام على اتخاذ المنبر في مسجد الرسول ﷺ أن الحديث فيه فوائد، منها : جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين . ولكنه يكره ارتفاع الإمام على المأموم وارتفاع المأموم على الإمام لغير حاجة ، فإن كان لحاجة لم يكره ، بل يستحب ، وكذا إن أراد المأموم إعلام المأمومين بصلاة الإمام واحتاج إلى الارتفاع.