أهل القرآن لهم عند الله تعالى منزلة رفيعة، قال صلى الله عليه وسلم (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) ويستحق هذا الوصف كل من دوام على تلاوة القرآن سواء كان من حفظة كتاب الله أم من التالين له فحسب، والقرآن يشفع لأهله متى تخلقوا بأخلاقه وتأدبوا بآدابه.

يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
هذه الدرجة الرفيعة التي يتبوؤها صاحب القرآن يوم القيامة إنما تكون للفريقين إذا داوما على تلاوة القرآن.

-فمن جمع القرآن فحفظه عن ظهر قلب، ثم داوم على تلاوته، والعمل به في حياته حتى لقي ربه، فإنه ينال هذه الدرجة الرفيعة، كما يكون سببًا لرفعة درجة والديه اللذين كانا سببًا في حفظه للقرآن، فقد روى سهل بن معاذ عن أبيه ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجًا يوم القيامة، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا؟ رواه الحاكم وصححه ورواه أبو داود.

فالمصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعد أن بيَّن مكانة الوالدين التي سيتبوآنها في الجنة أشار إلى أن درجة الولد الذي حفظ القرآن، وعمل به أعظم من الدرجة التي حصل عليها والداه بكثير، وقد بين صلى الله عليه وسلم هذه الدرجة في كثير من الأحاديث، ومنها حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول القرآن: يا رب حله: (أي ألبسه حلة)، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارضَ عنه، فيرضى الله عنه، فيقال: اقرأ وارق ـ أي اصعد على درجات الجنة ـ ويزداد بكل آية حسنة”. رواه الترمذي وحسنه وابن خزيمة والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

وعن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: “اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه” الحديث. رواه مسلم.

-أما قراءة القرآن من المصحف من غير حفظ، فقد ذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من القراءة غيبًا؛ وذلك لأن النظر فيه عبادة مطلوبة، وقال الإمام النووي: هكذا قال أصحابنا والسلف أيضًا، ولم أرَ فيه خلافًا، واستدل على فضل القراءة في المصحف بما أخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب من حديث أوس الثقفي مرفوعًا: “قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف تضاعف ألفي درجة. كما أخرج أبو عبيد بسند صحيح: “فضل قراءة القرآن نظرًا على ما يقرؤه ظاهرًا كفضل الفريضة على النافلة”.

-لذلك نقول لكل مسلم: “كلا القارئين: الحافظ والناظر في المصحف على خير كثير، وسينالا شفاعة القرآن الكريم إن شاء الله تعالى.