هذا حديث صحيح ورد في صحيح مسلم ، كتاب القدر ، باب في الأمر بالقوة وترك العجز. والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله :
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله. ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله. وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان”. ورواه أحمد في مسنده وابن ماجة.

وقال الإمام النووي في شرحه :
(المؤمن القوي خير) المراد بالقوة، هنا،عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة. فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد وأسرع خروجا إليه وذهابا في طلبه. وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والصبر على الأذى في كل ذلك. واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها، ونحو ذلك.
(وفي كل خير) معناه في كل من القوي والضعيف خير، لاشتراكهما في الإيمان، مع ما يأتي به الضعيف من العبادات.

(احرص على ما ينفعك) معناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة].

وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوأَنَّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ).
قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقداً ذلك حتماً، وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعاً، فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله فليس من هذا.(انتهى).

وقال الإمام المناوي في “فيض القدير، شرح الجامع الصغير” :
وحديث : (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) رواه البخاري ، ورواه النسائي بلفظ : (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بصومهم وصلاتهم ودعائهم) ، لأن عبادة الضعفاء أشد إخلاصاً لخلاء قلوبهم عن التعلق بالدنيا وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن اللّه فجعلوا همهم واحداً فزكت أعمالهم وأجيب دعاؤهم.
فبين بقوله :(بصومهم وصلاتهم ودعائهم)أنه لا يلزم من الضعف عدم القوة في البدن ولا عدم القوة في القيام بالأوامر الإلهية.

فهذا الحديث لا يعارض الأحاديث التي مدح فيها الأقوياء ولا خبر: (المؤمن القوي أحب إلى اللّه من المؤمن الضعيف ..).
إن المراد أن ذلك من أعظم أسباب الرزق والنصر وقد يكون لذلك أسباب أخر فإن الكفار والفجار يرزقون وقد ينصرون استدراجاً وقد يخذل المؤمنون ليتوبوا ويخلصوا فيجمع لهم بين غفران الذنب وتفريج الكرب وليس كل إنعام كرامة ولا كل امتحان عقوبة.(انتهى).